للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم وسيأتى للمصنف، وبما أخرجه الشافعى في مسنده أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لأعمى يتوضأ بطن القدم فجعل الأعمى يغسل بطن القدم، وما أخرجه البيهقى قال روينا في الحديث الصحيح عن عمرو بن عبسة عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الوضوء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله تعالى (قال) البيهقى وفي هذا دلالة على أن الله تعالى أمر بغسلهما اهـ إذا علمت هذا تعلم أن الراجح غسل الرجلين في الوضوء (وذهبت) الإمامية من الشيعة إلى أن الفرض مسحهما واستدلوا بالآية وقالوا إن قراءة الجرّ محكمة في المسح لأن المعطوف يشارك المعطوف عليه في حكمه، وقالوا في قراءة النصب إن أرجلكم عطف على محل الرءوس لأنه مفعول واستبعدوا عطفه على الوجوه وقالوا إن فيه تعقيدا (وردّ) هذا بأن قراءة الجرّ ليست للعطف على الرءوس وإنما هو للمجاورة نظير قوله تعالى (إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم) بجرّ أليم على المجاورة ليوم وإن كان صفة لعذاب، أو لأنها عطفت على الرءوس لا لأن تمسح بل لأجل تخفيف الغسل لأنها مظنة الإسراف المنهيّ عنه، على أن المسح يستعمل بمعنى الغسل يقال مسح على أطرافه إذا توضأ، أو بأن الجرّ محمول على حالة اللبس للخف والنصب على الغسل عند عدم الخفّ (قال) في الفتح قال أبو بكر بن العربى ما ملخصه: بين القراءتين تعارض ظاهر والحكم فيما ظاهره التعارض أنه إن أمكن العمل بهما وجب وإلا عمل بالقدر الممكن، ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة لأنه يؤدّى إلى تكرار المسح لأن الغسل يتضمن المسح، والأمر المطلق لا يقتضى التكرار فبقى أن يعمل بهما في حالين توفيقا بين القراءتين وعملا بالقدر الممكن اهـ واستدلوا أيضا بحديث رفاعة بن رافع عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه قال لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، رواه الدارقطني وهو ضعيف قال ابن القطان في إسناده يحيى بن على بن خلاد وهو مجهول، وعلى تقدير صحته فيقال فيه ما قيل في العطف في الآية، وبما جاء عن عبد الله بن زيد أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ ومسح بالماء على رجليه رواه ابن أبى شيبة وابن خزيمة وهو ضعيف أيضا قال أبو عمر إسناده لا تقوم به حجة، وقال الجوزجانى هذا حديث منكر، واستدلوا بأحاديث أخر منها ما هو ضعيف ومنها ما هو مصروف عن ظاهره (قال) النووى ذهب جميع الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين ولا يجزئُ مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتدّ به في الإجماع اهـ (وقال) الحافظ في الفتح لم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف الغسل إلا عن عليّ وابن عباس

<<  <  ج: ص:  >  >>