للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفتل من باب ضرب، وفي بعض النسخ فغسلها بها والضمير الأول راجع إلى الرجل والثاني إلى الحفنة ويجوز رجوع الثانى إلى النعل فتكون الياء بمعنى في أى فتل رجله في النعل، والمراد أن الحفنة من الماء عمت ظاهر القدم وباطنه فيكون غسلا كما ورد مصرّحا به في الروايات الكثيرة الصحيحة، وزعم بعضهم أن معنى قوله فتلها بها أنه مسح قدمه ونعله بتلك الحفنة واستدلّ به على أن الواجب في الرجلين في الوضوء المسح لا الغسل وهو مردود بالروايات الكثيرة المصرّح فيها بالغسل فيتعين حمل هذه الرواية عليها (قال) العينى قوله ففتلها أى فتل النعل بتلك الحفنة من الماء ومعنى فتلها أدار بيده فوق القدم وتحت النعل (واحتج) بهذا الحديث الروافض ومن ذهب مذهبهم في إباحة المسح على الرجلين في الطهارة من الحدث (واحتج) بذلك أيضا بعض أهل الكلام منهم الجبائى في أن المرء مخير بين غسل الرجل ومسحها وحكي ذلك عن محمد بن جرير (والجواب) عن الحديث أن فيه مقالا قال الترمذى سألت محمد بن إسماعيل عنه فضعفه وقال ما أدرى ما هذا وعلى تقدير ثبوت الحديث يحتمل أن تكون تلك الحفنة من الماء قد وصلت إلى ظاهر القدم وباطنه وإن كان في النعل ويدلّ على ذلك قوله فغسلها بها كما هو في بعض النسخ، والحفنة من الماء ربما كفت مع الرفق في مثل هذا، ولو كان أراد المسح على بعض القدم لكان يكفيه ما دون الحفنة، وعن عائشة لأن تقطعا أحب إلىّ من أن أمسح على القدمين من غير خفّ، وعن عطاء والله ما علمت أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مسح على القدمين اهـ باختصار (وقال) ابن القيم في تهذيب السنن هذا الحديث من الأحاديث المشكلة جدّا وقد اختلف مسالك الناس في دفع إشكاله فطائفة ضعفته منهم البخارى والشافعى قال والذى خالفه أكثر وأثبت منه (المسلك الثاني) أن هذا كان في أول الإسلام ثم نسخ بأحاديث الغسل وكان ابن عباس يذهب إليه أولا ففي الدارقطني عن عبيد الله بن عقيل أن علىّ بن الحسن أرسله إلى الرّبيع بنت معوّذ يسألها عن وضوء النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكرت الحديث وقالت ثم غسل رجليه قالت وقد أتاني ابن عمّ لك (تعنى ابن عباس) فأخبرته فقال ما أجد في الكتاب إلا غسلين ومسحين ثم رجع ابن عباس عن هذا لما بلغه غسل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رجليه وأوجب الغسل فلعل حديث علىّ وابن عباس كان في أول الأمر ثم نسخ (المسلك الثالث) أن الرواية عن علىّ وابن عباس مختلفة فروى عنهما هذا وروى عنهما الغسل كما رواه البخارى في الصحيح عن عطاء بن يسار عن ابن عباس فذكر الحديث وقال في آخره أخذ غرفة من ماء فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله اليسرى، فهذا صريح في الغسل، ثم ذكر أحاديث كثيرة صريحة في غسل الرجلين ثم قال قالوا والذى روى أنه رشّ عليهما في النعل هو هشام بن سعد وليس بالحافظ فرواية الجماعة أولى من

<<  <  ج: ص:  >  >>