للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون من باب تسمية الفعل بابتدائه وهو أحد قولين للأصوليين في تسمية الفعل هل يكون بابتدائه أو انتهائه (القول الثانى) أنه يبدأ بمؤخر رأسه ويمرّ إلى جهة الوجه ثم يرجع إلى المؤخر محافظة على ظاهر لفظ أقبل وأدبر فالإقبال إلى مقدّم الوجه والإدبار إلى ناحية المؤخر. وقد وردت هذه الصفة في الحديث الصحيح أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بدأ بمؤخر رأسه لكن يردّ هذه الصفة قوله بدأ بمقدّم رأسه الذى ذكر بيانا للإقبال والإدبار ويحمل حديث البداءة بالمؤخرّ على تعدّد الحالات لبيان الجواز، على أن حديث البداءة بالمقدّم أكثر وأصح وأجود إسنادا من حديث البداءة بالمؤخر كما ذكره الترمذى (القول الثالث) أنه يبدأ بالناصية ويذهب إلى ناحية الوجه ثم يذهب إلى جهة مؤخر الرأس ثم يعود إلى ما بدأ منه وهو الناصية ولعل قائل هذا قصد المحافظة على قوله بدأ بمقدّم رأسه مع المحافظة أيضا على ظاهر لفظ أقبل وأدبر لأنه إذا بدأ بالناصية صدق أنه بدأ بمقدّم رأسه وصدق أنه أقبل أيضا لأنه ذهب إلى ناحية الوجه وهو القبل، ويردّه أيضا قوله بدأ بمقدّم رأسه الخ فإنه جعله بادئا بالمقدّم إلى غاية الذهاب إلى قفاه، ومقتضى الصفة الثالثة أنه بدأ بمقدّم الرأس غير ذاهب إلى قفاه بل إلى ناحية وجهه أفاده ابن دقيق العيد، والظاهر أن هذا من العمل المخير فيه وأن المقصود من ذلك تعميم الرأس بالمسح (قال) النووى قوله ثم مسح رأسه بيديه الخ هذا هو المستحب باتفاق العلماء فإنه طريق إلى استيعاب الرأس ووصول الماء إلى جميع شعره، قال أصحابنا وهذا الردّ إنما يستحب لمن كان له شعر غير مضفور أما من لا شعر على رأسه أو كان شعره مضفورا فلا يستحب له الردّ إذ لا فائدة فيه وليس في هذا الحديث دلالة لوجوب استيعاب الرأس بالمسح لأن الحديث ورد في كمال الوضوء لا فيما لا بدّ منه اهـ باختصار، والتفرقة بين من له شعر وبين من لا شعر له لم نقف على ما يؤيده من الأحاديث فالظاهر عدم التفرقة، وتقدم الخلاف في ذلك وأن المذهب القوى وجوب استيعاب المسح

(قوله بدأ بمقدّم رأسه الخ) هو عطف بيان لقوله أقبل وأدبر ومن ثمّ لم تدخل الواو (قال) في الفتح الظاهر أن قوله بدأ الخ من الحديث وليس مدرجا من كلام مالك اهـ والقفا بالقصر وحكى مدّه مؤخر العنق يذكر ويؤنث وجمعه على التذكير أقفية وعلى التأنيث أقفاء مثل أرجاء قاله ابن السرّاج، وقد يجمع على قفيّ وعن الأصمعي أنه سمع ثلاث أقف (قال) الزّجاج التذكير أغلب (وقال) ابن السكيت مذكر وقد يؤنث وألفه واو ولهذا يثنى على قفوين اهـ مصباح

(قوله ثم ردهما الخ) ليستوعب جهتى الشعر بالمسح، والمشهور عند من أوجب التعميم أن الأولى واجبة والثانية سنة.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب غسل اليدين في ابتداء الوضوء، وعلى استحباب تثليث المضمضة والاستنشاق، وعلى جواز غسل بعض الأعضاء ثلاثا والاقتصار في البعض

<<  <  ج: ص:  >  >>