للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبلة وهو الظاهر لما روى من حديث سراقة بن مالك (أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا آتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله عزّ وجلّ ولا يستقبلها) أخرجه الدارمى وغيره بسند ضعيف مرسلا. ومنهم من علله بأنه لا يخلو من أن يراه مصلّ. فعن عيسى الحناط عن نافع عن ابن عمر قال (رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في كنيفه مستقبل القبلة) قال عيسى فقلت للشعبى عجبت لقول ابن عمر هذا وقول أبى هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها فقال الشعبى أما قول أبى هريرة ففي الصحراء لأن لله خلقا من عباده يصلون في الصحراء فلا تستقبلوهم ولا تستدبروهم وأما بيوتكم هذه التى تتخذونها للنتن فإنة لا قبلة لها. وذكر الدارقطنى أن عيسى الحناط ضعيف. وينبنى على الخلاف في التعليل خلافهم فيما إذا كان في الصحراء فاستتر بشئ هل يجوز الاستقبال والاستدبار فالتعليل باحترام القبلة يقتضى المنع والتعليل برؤية المصلين يقتضى الجواز، وقد اختلفوا أيضا في محل العلة. فمنهم من قال المنع للخارج المستقذر. ومنهم من قال المنع لكشف العورة. وينبنى على هذا الخلاف خلافهم في جواز الوطء مستقبل القبلة مع كشف العورة. فمن علل بالخارج أباحه إذ لا خارج ومن علل بالعورة منعه. أفاده ابن دقيق العيد

(قوله وأن لا نستنجى باليمين) يحتمل أن لا زائدة لما في رواية مسلم والنسائى أو أن نستنجى باليمين بإسقاط لا. وعليه فالمعنى ونهانا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن نستنجى باليمين، ويحتمل أن لا أصلية ويقدّر عامل مناسب أى أمرنا أن لا نستنجى كما في رواية ابن ماجه أمرنا أن لا نستقبل القبلة ولا نستنجى بأيماننا. والاستنجاء في الأصل إزالة الأذى بالماء أو الحجارة، يقال استنجيت غسلت موضع النجو أو مسحته، وفى العرف إزالة الخارج النجس من الفرج بماء أو حجر أو مدر، والأول مأخوذ من استنجيت الشجر إذا قطعته من أصله لأن الغسل يزيل الأثر، والثانى من استنجيت النخلة إذا التقطت رطبها لأن المسح لا يقطع النجاسة بل يبقي أثرها

(قوله وأن لا يستنجى أحدنا الخ) بإثبات لا والذى في مسلم أو أن نستنجى بأقلّ من ثلاثة أحجار بإسقاطها فيقال هنا ما قيل في سابقه

(قوله أو أن نستنجى) أو بمعنى الواو أى ونهانا أن نستنجى

(قوله برجيع أو عظم) أو ليست للشك بل لأحد الشيئين أى نهانا عن الاستنجاء بأحدهما أو بهما، والرجيع الروث والعذرة فعيل بمعنى فاعل لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا، والروث رجيع ذوات الحافر

(فقه الحديث) دل الحديث على المنع من استقبال القبلة مطلقا عند قضاء الحاجة وقد اختلف الفقهاء في هذا على أقوال (أحدها) أنه يحرم استقبال القبلة في الصحراء عند قضاء الحاجة ولا يحرم ذلك في البنيان وهو قول العباس بن عبد المطلب وعبد الله بن عمر والشعبى وإسحاق ابن راهويه ومالك والشافعى وأحمد في رواية واستدلوا علي جوازه في البنيان بحديث ابن عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>