للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كثرة عدد أو غير ذلك من المرجحات فالراجح يقال له المحفوظ. والمرجوح يقال له الشاذ فالمحفوظ ما رواه الثقة مخالفا من هو أقلّ منه بزيادة أو نقص مع عدم إمكان الجمع بينهما. والشاذ ما رواه الثقة مخالفا من هو أوثق منه بزيادة أو نقص في المتن. وإن خولف براو ضعيف لسوء حفظه أو نحوه. فالراجح يقال له المعروف. ومقابله المنكر. فالمعروف ما رواه الثقة مخالفا الضعيف والمنكر مارواه الضعيف مخالفا للثقات ويطلق على ما تفرد به الضعيف وإن لم يخالف غيره

(الرابعة) إذا روى العدل الضابط المتقن حديثا انفرد به فمقبول اتفاقا. وإذا رواه بعض الثقات متصلا وبعضهم مرسلا أو رواه بعضهم موقوفا وبعضهم فوعا أو وصله هو في وقت وأرسله في وقت آخر أو رفعه في وقت ووقفه في وقت آخر فالصحيح الذى قاله المحققون أن الحكم لمن وصله أو رفعه ولو كان المخالف له أكثر أو أحفظ. وقيل الحكم للأكثر. وقيل للأحفظ. وينقسم المقبول أيضا إلى معمول به وغير معمول به: فالمعمول به المحكم ومختلف الحديث؛ والناسخ؛ والراجح: وغير المعمول به المنسوخ؛ والمرجوح، والمتوقف فيه لأن الخبر إن سلم من المعارض فهو الحكم ومن هذا الباب أكثر الأحاديث فإن أكثرها غير معارض والمعارض منها قليل وإن عورض بمثله وأمكن الجمع بلا تعسف فهو مختلف الحديث كحديث جابر رضي الله تعالى عنه مرفوعا {لا عدوى ولا طيرة (١) ولا هامة (٢) ولا صفر (٣) ولا غول (٤)} رواه أحمد ومسلم. وحديث أبى هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عند البخارى وفيه {وفرّ من المجذوم كما تفرّ من الأسد} فهذان الحديثان ظاهرهما التعارض وجمع بينهما بأن الأمراض لا تعدى بطبعها لكن الله سبحانه وتعالى جعل مخالطة المريض سببا لسريان المرض إلى الصحيح وقد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب. أو بأن الأول محمول على كامل العقيدة والثاني على خلافه. وإن لم يمكن الجمع وعرف التاريخ فالمتأخر ناسخ كحديث ثوبان رضي الله تعالى عنه عن النبى صلى الله تعالى عليه على آله وسلم {أفطر الحاجم والمحجوم} رواه أحمد والمصنف والنسائى وابن ماجه وابن حبان والحاكم وهو متواتر صحيح. وحديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم {احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم} أخرجه الشيخان


(١) بكسر ففتح من التطير وهو التشاؤم بالطيور.
(٢) بالتخفيف اسم طائر قيل هى البومة كانوا يتشاءمون بها إذا وقعت على بيت أحدهم يقول نعت إليّ نفسى أو أحد من أهل دارى.
(٣) بفتحتين وهو تأخير المحرم إلى صفر وهو النسيء وذلك أن العرب كانت تحرّم صفر وتستحلّ المحرم فجاء الإسلام بردّ ما كانوا يفعلونه.
(٤) بضم فسكون قال النووي كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات وهي جنس من الشياطين تتراءى للناس وتتغوّل تغّولا أى تتلون تلوّنا فتضلهم عن الطريق فتهلكهم فأبطل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>