للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدارقطني وصححه عن أبى الغريف الهمدانى قال كنا مع علىّ في الرحبة فخرج إلى أقصى الرحبة فوالله ما أدرى أبولا أحدث أم غائطا ثم جاء فدعا بكوز من ماء فغسل كفيه ثم قبضهما إليه ثم قرأ صدرا من القرآن ثم قال اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة فإن أصابته جنابة فلا ولا حرفا واحدا، وفى الباب روايات كثيرة تدل على ما ذهب إليه الجمهور وهي إن كان في بعضها مقال لكن يقوّى بعضها بعضا (واستثنت) المالكية اليسير لنحو تحصن كآية الكرسى والإخلاص والمعوّذتين (وقالت) الشافعية يجوز ما كان بقصد الذكر لا بقصد القرآن (وقال) أحمد يرخص للجنب أن يقرأ آية ونحوها (وأجاز) أبو حنيفة قراءة بعض آية (قال) الخطابى في الحديث من الفقه أن الجنب لا يقرأ القرآن وكذا الحائض لا تقرأ لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة (وقال) مالك في الجنب يقرأ الآية ونحوها. وقد حكى عنه أنه قال تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب لأن الحائض إن لم تقرأ نسيت القرآن لأن أيام الحيض تتطاول ومدة الجنابة لا تطول. وروى عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأسا بقراءة الجنب القرآن (وأكثر) العلماء على تحريمه اهـ (وذهب) ابن المنذر والطبرى وابن عباس وداود الظاهرى إلى جواز قراءة الجنب القرآن واستدلوا بحديث عائشة كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يذكر الله على كل أحيانه رواه مسلم والمصنف قالوا والقرآن ذكر وبأن الأصل عدم التحريم (وأجيب) بأن المراد بالذكر غير القرآن لأنه المتبادر عند الإطلاق. وقولهم إن الأصل عدم التحريم محله ما لم يرد ناقل عن الأصل وقد وردت الأحاديث الناقلة الدالة على التحريم وما تقدم في قراءة الجنب (أما مسه) المصحف فيحرم ولو من فوق حائل أو بعود وبه قال أكثر الأئمة وجمهور العلماء واستدلوا بقوله تعالى "لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين" "فإن قيل" المراد به اللوح المحفوظ لا يمسه إلا الملائكة ولهذا قال يمسه بضم السين على الخبر ولو كان المصحف لقال يمسه بفتح السين على النهى "أجيب" بأن قوله تعالى "تنزيل" ظاهر في إرادة المصحف فلا يحمل على غيره إلا لدليل صريح صحيح ولا دليل كذلك. والاحتجاج برفع السين مردود لأنه خبر بمعنى النهى. ونظائره كثيرة مشهورة في العربية ألا ترى قوله صلى الله تعالى عليه وعلى له وسلم "لا يبيع أحدكم على بيع أخيه" رواه البخارى بإثبات الياء وقوله تعالى"لا تضارّ والدة بولدها" على قراءة الرفع "فإن قيل" أيضا لو أريد المصحف لقال المتطهرون لا المطهرون "أجيب" بأنه يقال لغير المحدث متطهر ومطهر فلا فرق بينهما. واستدلوا أيضا بما رواه الدارقطني عن سليمان بن موسى قال سمعت سالما يحدّث عن أبيه قال قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يمس القرآن إلا طاهر. وبما رواه أيضا عن حسان بن بلال عن حكيم ابن حزام أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له لا تمسّ القرآن إلا وأنت على طهر وبما رواه أيضا عن الزهرى عن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>