للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا فيه لا يمسّ القرآن إلا طاهر (وذهب) داود إلى أنه يجوز للجنب مسّ المصحف وحمله مستدلا بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كتب إلى هرقل كتابا فيه قرآن وهرقل محدث ويمسه وأصحابه. وبأن الصبيان يحملون الألواح محدثين. بلا إنكار وبأنه إذا لم تحرم القراءة فالمسّ أولى وقاس حمله على حمله في المتاع (وأجاب) الجمهور بأن الكتاب الذى كتب إلى هرقل كان فيه القليل من القرآن نحو الآية فلا يسمى مصحفا. وبأن حمل الصبيان قد أبيح للضرورة وكذا القراءة. وبأن قياسه على المتاع قياس مع الفارق فإن حمله مع المتاع غير مقصود بخلاف حمله وحده (ويحرم) على المحدث حدثا أصغر أيضا مسّ المصحف إلا إذا كان متعلما أو معلما كما قالت المالكية (وقالت) الشافعية والحنفية والحنابلة لا يجوز للمحدث مسّ المصحف ولو معلما أو متعلما وقالوا يجوز للصغير مس الألواح للضرورة وكذا يحرم عليه مسّ جلده المتصل به والبياض الذى بهامشه وما بين السطور ويحرم حمله ولو بأمتعة غير مقصودة بالحمل أو بعلاقة أو كرسىّ فيحرم حمله به لا مسه خلافا للشافعية القائلين بحرمة مسّ الكرسى الذى عليه المصحف (وقالت) الحنفية والحنابلة وللمحدث مطلقا حمله بعلاقته وغلافه المنفصل وفي خرج فيه متاع وفي كمه من غير مسّ له وله تصفحه بكمه أو بعود وله أيضا مسه من فوق حائل كحمل رقيا وتعاويذ فيها قرآن (ومحل) امتناع مس المحدث للمصحف ما لم يخف عليه من نحو حرق أو غرق أو استيلاء كافر عليه أو كان ملقى في قاذورات وإلا فيجب عليه أخذه ولو جنبا للإجماع على حفظه واحترامه فلو أبقاه حتى حرق أو غرق أو استولى عليه الكافر كان آثما ولو أبقاه في القاذورات كان كافرا (ويحرم) أيضا على المحدث كتابة القرآن ولو آية منه بالخط العربيّ وغيره كما تحرم قراءته بغير اللسان العربي مطلقا خلافا للحنفية، وقيل إن حمله أو مسه فحال كتابته حرم وإلا فلا، وقيل يحرم على الجنب دون المحدث حدثا أصغر (وذهب) داود الظاهرى وجماعة إلى جواز مسّ المصحف وحمله للمحدث حدثا أصغر واستدلوا بما تقدم وقد علمت ردّه (فوائد) "الأولى" قال النووى: قال القاضى حسين وغيره يكره للمحدث حمل التعاويذ "يعنون الحروز" (قال) أبو عمرو ابن الصلاح في الفتاوى كتابة الحروز واستعمالها مكروه وترك تعليقها هو المختار (وقال) في فتوى أخرى يجوز تعليق الحروز التي فيها قرآن على النساء والصبيان والرجال ويجعل عليها شمع ونحوه ويستوثق من النساء وشبههن بالتحذير من دخول الخلاء بها. والمختار أنه لا يكره إذا جعل عليه شمع ونحوه لأنه لم يرد فيه نهى (ونقل) ابن جرير الطبرى عن مالك نحو هذا فقال قال مالك لا بأس بما يعلق على النساء الحيض والصبيان من القرآن إذا جعل في كنّ كقصبة حديد أو جلد يخرز عليه، وقد يستدل للإباحة بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشرّ عباده

<<  <  ج: ص:  >  >>