للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتنجس بإصابة النجاسات له، ويحتمل أن المعنى لا يصير بالجنابة نجس العين كالبول والغائط، ولا مفهوم للمسلم إذ لا فرق بينه وبين الكافر في الجنابة، وخصّ المسلم بالذكر إما لأن المقام مقام خطاب المسلم أو لأنه أشار به إلى أن الكفار يجب أن يتجنب منهم كما يتجنب من النجاسات الظاهرة أو لأن فيه إشارة إلى أنهم لا يتطهرون ولا يتباعدون عن النجاسات بخلاف المسلم (قال) النووى هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيا وميتا فأما الحى فطاهر بإجماع المسلمين حتى الجنين إذا ألقته أمه وعليه رطوبة فرجها، قال بعض أصحابنا هو طاهر بإجماع المسلمين قال ولا يجئ فيه الخلاف المعروف في نجاسة رطوبة فرج المرأة ولا الخلاف المذكور في كتب أصحابنا في نجاسة ظاهر بيض الدجاج ونحوه فإن فيه وجهين بناء على رطوبة الفرج هذا حكم المسلم الحىّ، وأما الميت ففيه خلاف للعلماء (وللشافعى) فيه قولان الصحيح منهما أنه طاهر لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن المسلم لا ينجس. وذكر البخارى في صحيحه عن ابن عباس تعليقا المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا. هذا حكم المسلم (وأما الكافر) فحكمه في الطهارة والنجاسة حكم المسلم. هذا مذهبنا ومذهب الجماهير من السلف والخلف (وأما قول) الله عزّ وجلّ "إنما المشركون نجس" فالمراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار وليس المراد أن أعضاءهم نجسة كنجاسة البول والغائط ونحوهما. فإذا ثبتت طهارة الآدمى مسلما كان أو كافرا فعرقه ولعابه ودمعه طاهرات سواء أكان محدثا أم جنبا أم حائضا أم نفساء وهذا كله بإجماع المسلمين وكذلك الصبيان أبدانهم وثيابهم ولعابهم محمولة على الطهارة حتى تتيقن النجاسة فتجوز الصلاة في ثيابهم والأكل معهم من المائع إذا غمسوا أيديهم فيه. ودلائل هذا كله من السنة والإجماع مشهورة اهـ (وقال الحافظ) في الفتح تمسك بمفهوم الحديث بعض أهل الظاهر فقال إن الكافر نجس العين وقوّاه بقوله تعالى "إنما المشركون نجس" وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد أن المؤمن طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة. بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم أن الله تعالى أباح نكاح نساء أهل الكتاب ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن ومع ذلك فلم يجب عليه من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليه من غسل المسلمة فدلّ على أن الآدمى الحىّ ليس بنجس العين إذ لا فرق بين النساء والرجال اهـ (وقال العينى) في شرح البخارى "فإن قلت" على ما ذكر من أن المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا ينبغى أن لا يغسل الميت لأنه طاهر "قلت" اختلف العلماء من أصحابنا في وجوب غسله. فقيل إنما وجب لحدث يحله باسترخاء المفاصل لا لنجاسته فإن الآدمى لا ينجس بالموت كرامة إذ لو نجس لما طهر بالغسل كسائر الحيوانات وكان الواجب الاقتصار على أعضاء الوضوء كما في حال الحياة لكن ذلك إنما كان نفيا للحرج فيما يتكرّر كل يوم والحدث لسبب

<<  <  ج: ص:  >  >>