للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وعلى آله وسلم ولم ينكره فهذان الحديثان يدلان على جواز مرور الجنب مطلقا سواء أكان لحاجة أم لا بوضوء أم لا (وإلى ذلك) ذهب ابن مسعود وابن عباس وأحمد والشافعى وأصحابه (واستدلوا) بقوله تعالى "ولا جنبا إلا عابرى سبيل" قالوا والعبور إنما يكون في محل الصلاة وتقييد جواز ذلك بالسفر لا دليل عليه بل الظاهر أن المراد مطلق المارّ لأن المسافر ذكر بعد ذلك ولو كان المراد بعابرى السبيل المسافر لكان تكرارا ويصان القرآن عن مثله (وقد) أخرج ابن جرير عن يزيد بن أبى حبيب أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم إلى المسجد فكانت تصيبهم جنابة فلا يجدون الماء ولا طريق إليه إلا من المسجد فأنزل الله تعالى "ولا جنبا إلا عابرى سبيل" وهذا من الدلالة على الإطلاق بمكان لا يبقى بعدها ريب (قال) في النيل حمل الآية على من كان بالمسجد وأجنب تعسف لم يدل عليه دليل اهـ (وذهب) أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يحرم على الجنب والحائض دخول المسجد ولو للمرور بلا مكث لإطلاق حديث الباب إلا إن كان هناك ضرورة فإن كانت كأن يكون باب البيت إلى المسجد ولم يمكن تحويله ولا السكنى في غيره فلا حرمة. ولو أجنب فيه تيمم وخرج من ساعته إن لم يقدر على استعمال الماء وكذا لو دخله جنبا ناسيا ثم تذكر وإن خرج مسرعا بلا تيمم جاز وإن لم يقدر على الخروج تيمم ومكث لكنه لا يصلى به ولا يقرأ. قالوا أما قوله تعالى "ولا جنبا إلا عابرى سبيل" فمعناه ولا عابرى سبيل على حدّ قوله تعالى "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ" أى ولا خطأ لكن هذا بعيد عن ظاهر اللفظ (وذهب) إسحاق بن راهويه وسفيان الثورى إلى أنه لا يجوز للجنب العبور مطلقا إلا لضرورة فيتوضأ ثم يمرّ (وكذا) قال أكثر المالكية إلا أنهم قالوا عند الضرورة يتيمم (واستدلوا) بحديث الباب قالوا لأنه عامّ. وبما رواه الترمذى عن سالم بن أبى حفصة عن عطية بن سعد العوفي عن أبى سعيد الخدرى قال قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لعلى بن أبى طالب يا علي لا يحلّ لأحد يجنب في هذا المسجد غيرى وغيرك (وأجيب) بأن هذين الحديثين فيهما مقال ولا سيما الثانى فإن مداره على سالم وعطية وهما شيعيان متهمان، وعلى تقدير صحتهما فهما عامان مخصوصان بما ذكر من الأدلة الدالة على جواز العبور (وأما مكث) الجنب والحائض في المسجد فهو باق على المنع وعليه جمهور العلماء إلا أن الحنابلة وإسحاق قالوا بجوازه للجنب إذا كان متوضئا مستدلين بما روى عن زيد بن أسلم قال كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتحدثون في المسجد على غير وضوء وكان الرجل يكون جنبا فيتوضأ ثم يدخل فيتحدث وبما روى عن الصحابة أنهم كانوا يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة، وفي إسناده هشام بن سعد قال أبو حاتم لا يحتج به وضعفه ابن معين وأحمد والنسائى وأبو داود هو أثبت الناس في زيد بن أسلم، وعلى تسليم صحته لا يكون ما وقع من الصحابة حجة ولا سيما

<<  <  ج: ص:  >  >>