للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قوله

(ص) فأشفقت) من الإشفاق يقال أشفقت أشفق إشفاقا وشفقت أشفق شفقا من بابي ضرب وعلم أى خفت

(قوله إن اغتسلت أن أهلك) وفي نسخة أن أغتسل فأهلك بكسر اللام من باب ضرب أى أموت من شدّة البرد

(قوله ولا تقتلوا أنفسكم) أى بارتكاب ما يؤدّى إلى هلاكها في الدنيا والآخرة كزنا المحصن وقتل النفس بغير حق

(قوله إن الله كان بكم رحيما) حيث أرشدكم إلى ما فيه صلاحكم في الدنيا والآخرة (وبهذا) الحديث احتج من قال بجواز التيمم للمسافر الذى يخاف البرد وإن كان واجدا للماء وهو قول الجمهور ويلحق به المقيم لوجود العجز حقيقة ولا إعادة عليه (وعند) الشافعى إذا خاف على نفسه التلف من شدّة البرد تيمم وصلى وأعاد كل صلاة صلاها (وقال) عطاء والحسن يغتسل وإن مات وهو مقتضى قول ابن مسعود لو رخص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا. ويردّه الحديث وقوله تعالى "وما جعل عليكم في الدين من حرج"

(فقه الحديث) دلّ الحديث على وقوع الاجتهاد في زمن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وعلى طلب رفع ما يشكل إلى الرئيس للوقوف على الحقيقة، وعلى أنه يطلب ممن رفعت إليه دعوى أن يسأل المدّعي عليه ولا يكتفى بدعوى الخصم، وعلى مشروعية دفاع المدّعي عليه بما يصلح دليلا مسوغا لما فعله، وعلى أنه يطلب من الحاكم أن يظهر قبول ما أبداه المدّعي عليه من الأدلة إذا كان حقا، وعلى أن سكوت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إقرار فيكون دليلا على الحكم، وعلى أنه يباح التيمم لعدم إمكان استعمال الماء وهو الفقد الحكمى كما يباح للفقد الحقيقي وهو يتحقق عند أبى حنيفة يبعد الماء قدر ميل وهو خمسة وخمسون وثمانمائة وألف متر. أما الفقد الحكمى فسببه المرض أو البرد الشديد أو خوف عدوّ أو عطش أو فقد آلة وكذا خوف خروج الوقت ولو الاختيارى عند مالك فيتيمم المحدث مطلقا لمرض خاف حصوله أو زيادته أو بطء برئه باستعمال الماء ولخوفه من البرد تلفا أو مرضا إن تطهر بالماء بشرط أن لا يقدر الجنب على تسخين الماء أو أجرة حمام ولم يجد ثوبا يدفئه ولا مكانا يأويه (قال) ابن رسلان لا يتيمم لشدّة. البرد من أمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن مشقة الضرر كأن يغسل عضوا ويستره وكلما غسل عضوا ستره ودفأه من البرد فإن قدر على ذلك لزمه وإلا تيمم وصلى وهو قول أكثر العماء. اهـ ويتيمم لخوف عدوّ حال بينه وبين الماء إنسانا كان العدو أو غيره وسواء أخاف على نفسه أم ماله ولو وديعة. وقدّر عند أبى حنيفة بدرهم وعند مالك بما يزيد على ثمن ماء الطهارة لو اشتراه ويتيمم لخوف عطش ولو مآلا على نفسه أو حيوان محترم ولو كلبا غير عقور عند أبى حنيفة (واشترط) مالك أن يكون مأذونا في اتخاذه لحراسة أو صيد ويتيمم لفقد آلة طاهرة يستخرج بها الماء. ودلّ الحديث على أن من صلى بالتيمم بوجه جائز لا يعيد صلاته إذا قدر على استعمال الماء بعد ذلك وهو حجة على من يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>