للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله "يعني ابن مسعود" قال جاء أعرابى فبال في المسجد فأمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمكانه فاحتفر فصبّ عليه دلو من ماء قال الدارقطني سمعان مجهول وقال أبو زرعة ليس بالقوى وقال أحمد وابن أبى حاتم في العلل عن أبى زرعة هو حديث منكر وقال أبو حاتم لا أصل له واستدلوا أيضا بالحديث الآتي للمصنف بعد. وسيأتي أنه مرسل (وبهذا) تعلم أن مذهب الجمهور القائلين بتطهير الأرض بصبّ الماء عليها مطلقا هو الأقوى لقوّة أدلته (قال) ابن دقيق العيد في الحديث دليل على الأرض المتنجسة بالمكاثرة بالماء. واستدل بالحديث أيضا على أنه يكتفى بإفاضة الماء ولا يشترط نقل التراب من المكان بعد ذلك خلافا لمن قال به. ووجه الاستدلال بذلك أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يرد عنه في هذا الحديث الأمر بنقل التراب وظاهر ذلك الاكتفاء بصبّ الماء فإنه لو وجب لأمر به ولو أمر به لذكر. وقد ورد في حديث آخر الأمر بنقل التراب من حديث سفيان بن عيينة ولكنه تكلم فيه. وأيضا لو كان نقل التراب واجبا في التطهير لاكتفى به فإن الأمر بصبّ الماء حينئذ يكون زيادة تكليف وتعب من غير منفعة تعود إلى المقصود وهو تطهير الأرض اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه يطلب من الداعي أن لا يخصّ نفسه بالدعاء وعلى أنه يطلب الرفق بالجاهل ما لم يرتكب المخالفة استخفافا أو عنادا، وعلى جواز مبادرة المرءوسين بالإنكار على من ارتكب المخالفة بحضرة رئيسهم قبل استئذانه، وعلى دفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما، وعلى نجاسة بول الآدمى (قال) النووي هو مجمع عليه بإجماع من يعتدّ به ولا فرق بين الكبير والصغير إلا أن بول الصغير يكفى فيه النضح ولم يخالف في بول الصبي إلا داود الظاهرى اهـ ودلّ الحديث أيضا على احترام المسجد وتنزيهه عن الأقذار، وعلى أنه يكتفى في إزالة النجاسة عن الأرض بإفاضة الماء عليها ولا يشترط نقل التراب من المكان بعد ذلك، وعلى أن تطهير الأرض المتنجسة يكون بالماء لا بالجفاف. وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وعلى جواز التمسك بالعموم إلى أن يظهر الخصوص لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم ينكر على الصحابة ما فعلوه مع الأعرابى بل أمرهم بالكفّ عنه للمصلحة الراجحة، وعلى الترغيب في التيسير والتنفير عن التعسير، وعلى طلب المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع لأمره لهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عند فراغه من البول بصبّ الماء. وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على خلق عظيم ورحمة (قال) في الفتح في الحديث أن غسالة النجاسة الواقعة على الأرض طاهرة ويلحق بها غير الواقعة لأن البلة الباقية على الأرض غسالة نجاسة فإذا لم يثبت أن التراب نقل وعلمنا أن المقصود التطهير تعين الحكم بطهارة البلة وإذا كانت طاهرة فالمنفصلة أيضا مثلها لعدم الفارق، ويستدلّ به على عدم اشتراط ذهاب الماء في الأرض لأنه لو اشترط

<<  <  ج: ص:  >  >>