للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الأخبار فالترجيح معنا لثلاثة أوجه "أحدها" إجماع الصحابة "والثانى" أن أحاديثنا مثبتة وأحاديثهم نافية والمثبت مقدّم "والثالث" أنه احتياط في العبادة اهـ

(قوله وذكر له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصدقة) أى الزكاة الواجبة كما صرّح به في رواية الشيخين وكأن الراوى نسى اللفظ الذى قاله النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الزكاة والصوم فلذا قال وذكر له صيام شهر رمضان والصدقة وهذا يؤذن بأن مراعاة الألفاظ مشروطة في الرواية فإذا التبس عليه يشير إلى ما ينبئُ عنه كما فعل الراوى هنا

(قوله أفلح إن صدق) أى فاز وظفر بالخير أن صدق في قوله. ولم يقل إذا صدق لأنه لم يجزم بصدقه. قيل هذا الفلاح راجع إلى قوله لا أنقص خاصة. والأظهر أنه عائد إلى المجموع بمعنى أنه إذا لم يزد ولم ينقص كان مفلحا لأنه أتى بما عليه ومن أتى بما عليه فهو مفلح وليس فيه أنه إذا أتى بزائد لا يكون مفلحا لأن هذا مما يعرف بالضرورة فإنه إذا أفلح بالواجب فقط يكون فلاحه بالواجب والمندوب أولى وأجدر "فإن قيل" كيف قال لا أزيد على هذا الخ وليس في هذا الحديث جميع الواجبات ولا المنهيات الشرعية ولا السنن المندوبة "قلنا" قد جاء في رواية البخارى في آخر هذا الحديث زيادة توضح المقصود وهي قوله فأخبره رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بشرائع الإسلام فأدبر الرجل وهو يقول لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله علىّ شيئا. فعلى عموم قوله بشرائع الإسلام وقوله مما فرض الله يزول الإشكال في الفرائض. أما النوافل فقيل يحتمل أن هذا كان قبل شرعها. ويحتمل أنه أراد أن لا أزيد في الفرض بتغيير صفته كأنه يقول لا أصلى الظهر خمسا. ويحتمل أنه أراد أنه لا يصلى نافلة مع أنه لا يخلّ بشئ من الفرائض. ويحتمل أن يكون السائل رسول قومه فحلف أن لا أزيد في الإبلاغ على ما سمعت ولا أنقص في تبليغ ما سمعته منك إلى قومى. ويحتمل صدور هذا الكلام منه على سبيل المبالغة في التصديق والقبول أى قبلت قولك فيما سألتك عنه قبولا لا مزيد عليه من جهة السؤال ولا نقصان فيه من جهة القبول (قال) النووى اعلم أنه لم يأت في هذا الحديث ذكر الحج ولا جاء ذكره في حديث جبريل من رواية أبى هريرة وكذا غير هذا من هذه الأحاديث لم يذكر في بعضها الصوم ولم يذكر في بعضها الزكاة وذكر في بعضها صلة الرحم وفى بعضها أداء الخمس ولم يقع في بعضها ذكر الإيمان فتفاوتت هذه الأحاديث في عدد خصال الإيمان زيادة ونقصا وإثباتا وحذفا وقد أجاب القاضى عياض وغيره رحمهم الله تعالى عنها بجواب لخصه الشيخ أبو عمرو بن الصلاح وهذّبه فقال ليس هذا باختلاف صادر من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بل هو من تفاوت الرواة في الحفظ والضبط فمنهم من قصر فاقتصر على ما حفظه فأدّاه ولم يتعرّض لما زاده غيره بنفى ولا إثبات وإن كان اقتصاره على ذلك يشعر بأنه الكل فقد بان بما أتى به غيره من

<<  <  ج: ص:  >  >>