للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥١١ - ما جاء في التزويج على سورة من القرآن]

حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي اللَّه عنه- وفيه: "اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد". فذهب وطلب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئًا، ولا خاتمًا من حديد. قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا. قال: "اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن" (١).

قال الإمام أحمد عندما سئل عن الزواج على سورة من القرآن. قال: دع هذا.

قيل له: أوليس هو صحيحًا؟

قال: دعه. إذا نهيتك عن شيء فانته (٢).


(١) أخرجه البخاري (٥١٤٩) قال: حدثنا علي بن عبد اللَّه، حدثنا سفيان سمعت أبا حازم يقول: سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول: إني لفي القوم عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ قامت امرأة فقالت: يا رسول اللَّه، إنها وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك. فلم يجبها شيئًا، ثم قامت فقالت: يا رسول اللَّه، إنها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك. فلم يجبها شيئًا. . الحديث.
(٢) "الورع" ١١٩.
مسألة: قال ابن قدامة في "المغني" ٦/ ٦٨٣ بتصرف: فأما تعليم القرآن فاختلفت الرواية عن أحمد في جعله صداقا فقال في موضع: أكرهه. وقال في موضع: لا بأس أن يتزوج على أن يعلم سورة من القرآن، أو على نعلين، وهذا مذهب الشافعي.
قال أبو بكر: في المسألة قولان -يعني روايتين- قال: واختياري أنه لا يجوز، وهو مذهب مالك والليث وأبي حنيفة ومكحول وإسحاق، واحتج من أجازه بحديث سهل بن سعد الساعدي وفيه. . . "زوجتكها بما معك من القرآن" متفق عليه.
ووجه الرواية الأخرى: أن الفروج لا تستباح إلَّا بالأموال؛ لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}، وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} والطول: المال. وقد روي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زوج رجلًا على سورة من القرآن، ثم قال: "لا تكون لأحد بعدك مهرًا" رواه النجاد بإسناده. ولأن تعليم القرآن لا يجوز أن يقع إلَّا قربة لفاعله، فلم يصح أن يكون صداقًا كالصوم والصلاة وتعليم الإيمان.
ولأن التعليم من المعلم والمتعلم مختلف ولا يكاد ينضبط؛ فأشبه الشيء المجهول، فأما حديث الموهبة فقد قيل: معناه أنكحتها بما معك من القرآن، أي زوجتكها؛ لأنك من أهل القرآن كما زوج أبا طلحة على إسلامه، فروى ابن عبد البر بإسناده عن أنس أن أبا طلحة تزوج أم سليم على إسلامه، وليس في الحديث الصحيح ذكر التعليم، ويحتمل أن يكون خاصًّا لذلك الرجل. بدليل ما رواه النجاد ولا تفريع على هذِه الرواية، فأما على الأخرى فلابد من تعيين ما يعلمها إياه إما سورة معينة أو سورًا أو آيات بعينها لأن السور تختلف وكذلك الآيات.
قلت: لعل الإمام أحمد أراد الناحية الفقهية في قوله على الحديث، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>