للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمص، فسألنا عنه، فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره كأنه حميت. قال فجئنا حتى وقفنا عليه بيسير، فسلمنا، فرد السلام، قال وعبيد الله مُعْتجِر بعمامته ما يرى وحشيٌ إلا عينيه ورجليه فقال عبيد الله: يا وحشي أتعرفني؟ قال فنظر إليه ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عديًّ بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت بنتُ أبي العيص، فولدت له غلامًا بمكة فكنت أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، فلكأني نظرت إلى قدميك (١). قال فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعَيمة بن عديّ بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جُبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمِّي فأنت حرّ قال: فلما أن خرَج الناس عام عينين - وعينين جبلٌ بحيال أحد، بينه وبينه واد - خرجت مع الناس إلى القتال، فلما اصطفوا للقتال خرج سباعٌ فقال: هل من مبارز؟ قال فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع، يا ابن أمِّ أنمار مقطِّعة البظور، أتحادُّ الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ثم شد عليه، فكان كأمس الذاهب (٢). قال: وكمنتُ لحمزة تحت صخرة، فلما دنا منى رميته بحربتي فأضعها في ثُنَّته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به. فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسُلًا، فقيل لي: إنه لا يهيج الرُّسل، قال: فخرجت معهم حتى قدمتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآني قال: آنت وحشيّ، قلت: نعم. قال: أنت قتلت حمزة؟ قلت:


(١) عرفه بقدميه وهو صغير رآه عبرة، الله المستعان.
(٢) يعني قَتَله حمزة.