للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبرِّئي ببراءتي. لكن والله ما كنت أظن أن الله تعالى منزل في شأني وحيًا يتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يُبرِّؤني الله بها، فوالله ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البُرجاء، حتى إنه ليتحدَّر منه العرق مثل الجُمان - وهو في يوم شات - من ثقل القول الذي أنزل عليه. قالت: فسُرِّي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: يا عائشة، أمّا الله فقد برأك. قالت فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: لا والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمدُ إلا الله - عز وجل -. قالت: وأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ .. } [النور: ١١] العشر الآيات. ثم أنزل الله تعالى هذا في براءتي (١). قال أبو بكر الصديق - وكان يُنفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره -: والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: ٢٢] إلى قوله {غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال أبو بكر الصديق: بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النفقة التي كان يُنفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا. قالت عائشة: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرًا. قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعصَمَها الله بالوَرع. قالت:


(١) هكذا سنته في أوليائه وأهل طاعته تكون الشدة ثم يأتي الفرج.