للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ الرجل: إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ: فَقَالَ: هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، قَالَ: «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ: أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ لذُّرَى ثُمَّ انْطَلَقْنَا، قُلْنَا مَا صَنَعْنَا؟ حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَحْمِلُنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ، فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ (١)، إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَتَحَلَّلْتُهَا».

قال الحافظ: . . . ولعل غرض البخاري في تكثير هذا النوع في الباب وغيره بيان جواز ما نقل عنه أنه قال "لفظي بالقرآن مخلوق" (٢) إن صح عنه.

قلت: قد صح عنه أنه تبرأ من هذا الإطلاق فقال "كل من نقل عني أني


(١) فأعمال العباد مخلوقة لله، فهي من كسبهم لكن الله خلقهم وأعمالهم {والله خلقكم وما تعملون}.
(٢) لأن ذلك يحتمل الصوت أن يكون مخلوقًا لله، والملفوظ مخلوق لله فالأول مخلوق لله، واللفظ كلام الله. قلت: تقدم كلام شيخنا قريبًا أن صوت المخلوق شيء والقرآن كلام الله شيء آخر، ومن هنا منع أحمد وغيره هذا القول وهو "لفظي بالقرآن مخلوق" وأنكر على من قال ذلك كالكرابيسي. انظر طبقات الحنابلة (٢/ ٢٨١) وقد وقع للبخاري من ذلك محنة وقد أنكر ذلك. انظر ترجمته في طبقات الحنابلة (٢/ ٢٥٧).