للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت حميَّتهم أنهم لم يقروُّا أنه نبيُّ الله، ولم يُقرُّوا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت».

قال أبو عبد الله معرَّة العُرِّ: الجرَبُ. تزَيِّلوا. وحميتُ القومَ: منعتهم حماية. وأحميتُ الحمى: جعلته حمى لا يُدْخل. وأحميت الرَّجل إذا أغضبته إحماء.

قال الحافظ: ... وقد اختلف العلماء في المدة التي تجوز المهادنة فيها مع المشركين: فقيل لا تجاوز عشر سنين على ما في هذا الحديث وهو قول الشافعي والجمهور، وقيل تجوز الزيادة، وقيل لا تجاوز أربع سنين، وقيل ثلاثًا، وقيل سنتين، والأول هو الراجح والله أعلم (١).


(١) الراجح أن المهانة لا تتجاوز لا تتجاوز عشر سنين، وهو الجمهور.
* قلت: مدة المهادنة مع الكفار: قال أبو محمد في المغني (١٣/ ١٥٤ - ١٥٥): «ولا تجوز المهادنة من غير تقدير مدة لأنه يفضي إلى ترك الجهاد بالكلية».
فصل: ولا يجوز عقد الهدنة إلا على مدة مقدرة معلومة لما ذكرناه، قال القاضي: وظاهر كلام أحمد أنها تجوز أكثر من عشر سنين، وهو اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي، لأن قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} عام خُصَّ منه مدة العشر لمصالحة النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشًا يوم الحديبية عشرًا ففيما زاد يبقى على مقتضى العموم، فعلى هذا إن زاد المدة على عشر بطل في الزيادة وهل تبطل في العشر على وجهين بناء على تفريق الصفقة، قال: وقال أبو الخطاب: ظاهر كلام أحمد أنه يجوز على أكثر من عشر على ما يراه الإمام من المصلحة، وبهذا قال أبو حنيفة، لأنه عقد يجوز في العشر فجاز على الزيادة عليها كعقد الإجازة، والعام مخصوص في العشر لمعنى موجود فيما زاد عليها، وهو أن المصلحة قد تكون في الصلح أكثر منها في الحرب» اهـ.
وقال في حاشية الروض (٤/ ٢٩٩): «وقال الشيخ: وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل فيه الإمام بالمصلحة، ومتى مات الإمام أو عزل، لزم من بعده الوفاء بعقده».

وقال أبو العباس في مجموع الفتاوى (٢٩/ ١٤٠): «ومن قال من الفقهاء من أصحابنا وغبرهم: أن الهدنة لا تصح إلا مؤقتة: فقوله- مع أنه مخالف لأصول أحمد- يرده القرآن وترده سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر المعاهدين، فإنه لم يوقت معهم وقتًا».
وقال أبي هبيرة في الإفصاح (٢/ ٢٩٦): «واختلفوا في مدة العهد فقال أبو حنيفة وأحمد: يجوز ذلك على الإطلاق إلا أن أبا حنيفة قال: متى وجد للإمام قوة نبذ إليهم عهدهم وفسخ، وقال مالك والشافعي: لا يجوز أكثر من عشر سنين» اهـ.