للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى كما يقولون مثل ذلك في السمع، والبصر، والكلام، وسائر الصفات، ولا يقال أن الرضا إرادة الإحسان والغضب إرادة الانتقام فإنه نفي للصفة ...

ويُقال لمن تأول الغضب والرضا لم تأولت ذلك؟

فلا بد أن يقول لأن الغضب غليان دم القلب والرضا والميل والشهوة، وذلك لا يليق بالله تعالى، فيُقال له: غليان دم القلب في الآدمي أمر ينشأ عن صفة الغضب، ويقال له أيضاً، وكذلك الإرادة والمشيئة فينا ميل الحي إلى الشيء أو إلى ما يلائمه ويناسبه، فالمعنى الذي صرفت إليه اللفظ كالمعنى الذي صرفته عنه سواء، فإن جاز هذا جاز ذلك وإن امتنع هذا امتنع ذاك فإن قالوا: الإرادة التي يوصف الله بها مخالفة للإرادة التي يوصف بها العبد وإن كان كل منهما حقيقة قيل له: إن الغضب والرضا الذي يوصف به الله مخالف لما يوصف به العبد، وإن كلاً منهما حقيقة، فإذا كان ما يقوله في الإرادة يمكن أن يقال في هذه الصفات لم يتعين التأويل، بل يجب تركه، وصفات الله تليق به، وصفات العبد تليق به , بل لو قيل غضب ملك خازن النار وغضب غيره من الملائكة لم يجب أن يكون مماثلاً لكيفية غضب الآدميين، فغضب الله أولى " (١).

القول الراجح:

هو إثبات صفة الغضب لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه.


(١) الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية / زيد بن فياض، ص ١٠٨ - ١٠٩.

<<  <   >  >>