للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها: أن القوم لما أعرضوا عن الحق، وتمكن ذلك في قلوبهم، حتى صار كالطبيعة لهم، شبه بالوصف الخلقي المجبول عليه.

ومنها: أن المراد به تمثيل قلوبهم بقلوب البهائم التي خلقها الله تعالى خالية عن الفطن، أو بقلوب قدّر ختم الله تعالى عليها.

ومنها: أن أعراقهم لما رسخت في الكفر، واستحكمت بحيث لم يبق إلى تحصيل إيمانهم طريق سوى الإلجاء والقسر؛ ثم لم يفعل ذلك محافظة على حكمة التكليف، عبر عن ذلك بالختم، لأنه سدّ لطريق إيمانهم بالكلية، وفيه إشعار بترامي أمرهم في الغي والعناد.

ومنها: أن ذلك في الآخرة، وإنما أخبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه، ويعضده قوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} (١).

القول الراجح:

الذي يظهر لي والله أعلم أن كلا المعنيين جائز فقد يكون هذا الختم حقيقي محسوس كالختم على الوعاء فلا يبصر حقاً ولا يرى باطلا كما ذكر الطبري وغيره من المفسرين ويدل عليه قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} (٢)، {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ


(١) سورة الإسراء، الآية (٩٧).
(٢) سورة الأنعام، الآية (٢٥).

<<  <   >  >>