للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأرض كالمركز، وحصول الدائرة يوجب تعين المركز ولا ينعكس، فإن حصول المركز لا يوجب تعين الدائرة لإمكان أن يحيط بالمركز الواحد دوائر لا نهاية لها، فلما كانت السماء متقدمة على الأرض بهذا الاعتبار وجب تقديم ذكر السماء على الأرض بهذا الاعتبار (١).

حجة أصحاب القول الثاني الذين يرون أن السماء خلقت قبل الأرض:

استدلوا بقوله تعالى: {بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} - إلى قوله - {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (٢).

قال القرطبي: "وهذا يشير إلى كون الأرض بعد السماء " (٣).

والقرطبي يرى أن الأرض خلقت قبل السماء، ولكنه خرّج قول قتادة على وجه صحيح حيث قال: " وقول قتادة يخرج على وجه صحيح إن شاء الله تعالى، وهو أن الله تعالى خلق أولا دخان السماء ثم خلق الارض، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فسواها، ثم دحا الارض بعد ذلك " (٤).

ومما يدل على هذا القول أيضاً ورود كثيرمن الآيات التي تذكر فيها أسبقية السموات على الأرض منها قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا


(١) انظر التفسير الكبير / الرازي ج ٤، ص ٤٧٧، عند تفسيره لقوله تعالى: " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " سورة الأنعام، الآية (١).
(٢) سورة النازعات، الاية (٣٠).
(٣) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١٩، ص ١٩٦.
(٤) الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي، ج ١، ص ٣٨٣.

<<  <   >  >>