للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما عن موقف ابن عاشور من النسخ الاصطلاحي فقد قال: " المعروف عند الأصوليين بأنه: رفع الحكم الشرعي بخطاب، فخرج التشريع المستأنف إذ ليس برفع، وخرج بقولنا: الحكم الشرعي رفع البراءة الأصلية بالشرع المستأنف، إذ البراءة الأصلية ليست حكما شرعيا بل هي البقاء على عدم التكليف الذي كان الناس عليه قبل مجيء الشرع، بحيث إن الشريعة لا تتعرض للتنصيص على إباحة المباحات إلا في مظنة اعتقاد تحريمها، أو في موضع حصر المحرمات أو الواجبات فالأول نحو قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (١) في التجارة في الحج، حيث ظن المسلمون تحريم التجارة في عشر ذي الحجة كما كانت عليه الجاهلية بعد الانصراف من ذي المجاز، ومثال الثاني قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٢) بعد ذكر النساء المحرمات وقوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (٣).

لحصر وجوب الإمساك في خصوص زمن النهار، وفهم من قولهم في التعريف: (رفع الحكم) أن ذلك الحكم كان ثابتا لولا رفعه , وقد صرح به بعضهم , ولذلك اخترنا زيادة قيد في التعريف وهو: رفع الحكم الشرعي المعلوم دوامه بخطاب يرفعه.


(١) سورة البقرة، الآية (١٩٨).
(٢) سورة النساء، الآية (٢٤).
(٣) سورة البقرة، الآية (١٨٧).

<<  <   >  >>