للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الآية يقتضي موافقة من قبلنا فيما كانوا عليه من تحريم الوطء والأكل بعد النوم ليلة الصوم، وقد نسخ ذلك بقوله سبحانه: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}.

وجمهور المفسرين على أنها محكمة، ورجّح ابن عاشور أن الآية محكمة ومن قوله: " وبهذا يتبين أن في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} إجمالاً وقع تفصيله في الآيات بعده.

فحصل في صيام الإسلام ما يخالف صيام اليهود والنصارى في قيود ماهية الصيام وكيفيتها، ولم يكن صيامنا مماثلاً لصيامهم تمام المماثلة. فقوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} تشبيه في أصل فرض ماهية الصوم لا في الكيفيات، والتشبيهُ يكتفَى فيه ببعض وجوه المشابهة ,وهو وجه الشبه المراد في القصد، وليس المقصود من هذا التشبيه الحوالةَ في صفة الصوم على ما كان عليه عند الأمم السابقة، ولكن فيهم أغراضاً ثلاثة تضمنها التشبيه:

أحدها: الاهتمام بهذه العبادة، والتنويه بها؛ لأنها شرعَها الله قبلَ الإسلام لمن كانوا قبل المسلمين، وشرعها للمسلمين، وذلك يقتضي اطِّراد صلاحها ووفرة ثوابها , وإنهاض همم المسلمين لتلقي هذه العبادة كي لا يتميز بها من كان قبلهم؛ لأن المسلمين كانوا يتنافسون في العبادات.

والغرض الثاني: أن في التشبيه بالسابقين تهويناً على المكلفين بهذه العبادة أن يستثقلوا هذا الصوم؛ فإن في الاقتداء بالغير أسوة في المصاعب، فهذه فائدة لمن

<<  <   >  >>