للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة القائلين بأن الآية محكمة:

قالوا: الآية مُحكَمَة لم تُنسخ , والمقصود بها من أول الأمر الوصية لغير الوارث من الوالدين والأقربين مثل الأبوين الكافرين والعبْدين والأقارِب الذين لا ميراث لهم, وبهذا قال الضحاك والحسن في رواية وطاووس (١).

وقد ذهب الشافعي والنخعي إلى عدم نسخ آية الوصية , مستندين إلى أن حكمها هو الندب لا الوجوب فلا تعارض بينها وبين آيات المواريث، كما لا تعارض بينها وبين حديث " لا وصية لوارث" لأن معناها لا وصية واجبة، وهو لا ينافي ندب الوصية وحيث لا تعارض فلا نسخ.

القول الراجح:

الذي يظهر لي - والله أعلم - أن الآية محكمة وليست منسوخة بالإجماع كما ذكر ابن عاشور كما سبق وذكرت في المبحث الأول من هذا الفصل.

ويمكن الاعتراض على القائلين بالنسخ والمستدلين على ذلك بنص ابن عباس - رضي الله عنه - أن يقال لهم: إن مفهوم النسخ عند المتقدمين يراد به التخصيص, فيكون المعنى أن آية المواريث خصصت الوصية.

قال الرازي: " إن هذه الآية تفهم بعمومها أن الوصية واجبة لكل قريب، وآية المواريث أخرجت القريب الوارث فبقيت آية الوصية مراداً بها القريب الذي لا يرث ,إما لمانع من الإرث، وإما لإنه محجوب بأقرب منه، وإما لأنه من ذوي الأرحام " (٢).


(١) انظر التحرير والتنوير، ج ٢، ص ١٥٠، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ١، ص ٢٤٨،
(٢) التفسير الكبير / الرازي، ج ٢، ص ٢٣٣.

<<  <   >  >>