للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة القائلين بأن كلا القراءتين معناهما واحد:

قال أبو جعفر الطبري: " والقول في ذلك عندي أنّ معنى"الإنشاز" ومعنى"الإنشار" متقاربان، لأن معنى"الإنشاز": التركيبُ والإثبات ورد العظام إلى العظام، ومعنى"الإنشار" إعادة الحياة إلى العظام , وإعادتها لا شك أنه ردُّها إلى أماكنها ومواضعها من الجسد بعد مفارقتها إياها. فهما وإن اختلفا في اللفظ، فمتقاربا المعنى. وقد جاءت بالقراءة بهما الأمة مجيئًا يقطعُ العذر ويوجب الحجة، فبأيِّهما قرأ القارئ فمصيب، لانقياد معنييهما، ولا حجة توجب لإحداهما القضاءَ بالصواب على الأخرى" (١).

وفي ذلك يقول مكي: " وحجة من قرأ بالزاي أنه حمله على معنى الرفع من " النشز" وهو المرتفع من الأرض، أي: وانظر إلى العظام كيف نرفع بعضها على بعض في التركيب للإحياء لأن " النشز" الارتفاع. يقال لما ارتفع من الأرض نشز، ومنه المرأة النشوز، وهي المرتفعة عن موافقة زوجها. ومنه قوله: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا} (٢) أي ارتفعوا وانضموا. وأيضاً فإن القراءة بالزاي بمعنى الإحياء، والعظام لا تحيا على الانفراد، حتى يضم بعضها إلى بعض. فالزاي أولى بذلك المعنى، إذ هي بمعنى الانضمام دون الإحياء. فالموصوف بالإحياء هو الرجل، دون العظام على انفرادها، لا يقال هذا عظم حي. فإنما المعنى: وانظر إلى العظام كيف نرفعها من أماكنها من الأرض إلى جسم صاحبها للإحياء. فأما


(١) جامع البيان/ الطبري، ج ٣، ص ٥٤.
(٢) سورة المجادلة، الآية (١١).

<<  <   >  >>