للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون الكلامُ مبتدأ بتكذيبهم في قولهم: قل يا محمد، للقائلين ما قالوا من الطائفة التي وصفتُ لك قولها لتُبَّاعها من اليهود {إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ}، إن التوفيق توفيقُ الله والبيانَ بيانُه، "وإن الفضل بيده يؤتيه من يشاء" لا ما تمنيتموه أنتم يا معشر اليهود.

وإنما اخترنا ذلك من سائر الأقوال التي ذكرناها، لأنه أصحها معنًى، وأحسنُها استقامةً، على معنى كلام العرب، وأشدُّها اتساقًا على نظم الكلام وسياقه. وما عدا ذلك من القول، فانتزاع يبعُد من الصحة، على استكراه شديدٍ للكلام " (١).

حجة من قال: إن الجملة مما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولها بقية لقوله: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ}:

ذكر الطبري حجتهم فقال: " وقال آخرون: تأويل ذلك: قل يا محمد: "إن الهدى هدى الله"، إنّ البيان بيانُ الله أن يؤتى أحدٌ، قالوا: ومعناه: لا يؤتى أحدٌ من الأمم مثل ما أوتيتم، كما قال: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}، بمعنى: لا تضلون، وكقوله: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} (٢).


(١) جامع البيان / الطبري، ج ٣، ص ٣٦٨، وانظر روح المعاني / الألوسي، ج ٢، ص ١٩٣، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج ٢، ص ٣٨٢.
(٢) سورة الشعراء، الآية (٢٠٠ - ٢٠١).

<<  <   >  >>