للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - مثال أم موسى:

قال تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (١).

اختلف المفسرون في توجيه معنى قوله: {فَارِغًا} على عدة أقوال، ويعود مرجع اختلافهم كما يقول ابن عاشور إلى ناحيتين:

ناحية تؤذن بثبات أم موسى، ورباطة جأشها, وناحية تؤذن بتطرق الضعف والشك إلى نفسها، وإليك قوله: " فأما ما يرجع إلى الناحية الأولى فهو أنه فارغ من الخوف والحزن فأصبحت واثقة بحسن عاقبته تبعاً لما ألهمها من أن لا تخاف ولا تحزن فيرجع إلى الثناء عليها , فالمعنى: أنها لما ألقته في اليم كما ألهمها الله، زال عنها ما كانت تخافه عليه من الظهور عليه عندها وقتله؛ لأنها لما تمكنت من إلقائه في اليم ولم يشعر بها أحد قد علمت أنه نجا، وهذا المحمل يساعده أيضاً ما شاع من قولهم: فلان خلي البال: إذا كان لا هم بقلبه. وهو تفسير أبي عبيدة (٢).

وأما الأقوال الراجعة إلى الناحية الثانية فقال ابن عطية والقرطبي عن ابن القاسم عن مالك: الفراغ هو ذهاب العقل. قال ابن عطية: هو كقوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} (٣) أي لا عقول فيها , وفي «الكشاف»: أي لما سمعت


(١) سورة القصص، الآية (١٠).
(٢) انظر مجاز القرآن / أبو عبيدة، ج ٢، ص ٩٨، والتحرير والتنوير، ج ١٠، ص ٨١. .
(٣) سورة إبراهيم، الآية (٤٣).

<<  <   >  >>