للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه المفسرون في ذلك.

وإيراد الخلاف في مثل هذا المبحث قد لا يهمنا كثيرا لأن المعول عليه هنا هو الجمع بين هذه الآية وغيرها من الآيات التي تصف القرآن بأنه محكم كله أو متشابه كله وقد تبين لنا أنه لا تعارض بين الآيات.

وممن اهتم بذلك من المفسرين ابن عاشور ومن قبله القرطبي وكذلك الشنقيطي حيث ساق كل منهما هذا الاحتمال الوارد من الإشكال وأجابوا عنه.

قال القرطبي: " قيل: القرآن كله محكم: لقوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} " (١) وقيل: كله متشابه، لقوله: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} (٢) ,. وليس هذا من معنى الآية في شئ، فإن قوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} أي في النظم والرصف وأنه حق من عند الله , ومعنى {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} كتابا متشابها، أي يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا.

وليس المراد بقوله: {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} " هذا المعنى، وإنما المتشابه في هذه الآية من باب الاحتمال والاشتباه، من قوله: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} (٣) أي التبس علينا، أي يحتمل أنواعا كثيرة من البقر والمراد بالمحكم ما في مقابلة هذا، وهو ما لا التباس فيه ولا يحتمل إلا وجها واحدا.


(١) سورة هود، الآية (١).
(٢) سورة الزمر، الآية (٢٣).
(٣) سورة البقرة، الآية (٧٠).

<<  <   >  >>