للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا من أهم مميزاته فيما يتعلق بالترجيح، وأما مميزاته في التفسير بشكل عام فأذكر منها:

١ - إنه يردّ على أهل العقائد الضالة ويبين بطلان دعواهم في التفسير ومن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى: " {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (١). قال ابن عاشور: " قفُّوا على صريح كفرهم بالقرآن وغيره من الشرائع بكلام كَنَّوْا به عن إبطال حقية الإِسلام بدليل سفسطائي , فجعلوا كثرة أموالهم وأولادهم حجة على أنهم أهل حظ عند الله تعالى، فضمير (وَقَالُوا) عائد إلى (الذين كفروا) من قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ} (٢) وهذا من تمويه الحقائق بما يحفّ بها من العوارض فجعلوا ما حف بحالهم في كفرهم من وفرة المال والولد حجةً على أنهم مظنة العناية عند الله وأن ما هم عليه هو الحق. وهذا تعريض منهم بعكس حال المسلمين بأن حال ضعف المسلمين، وقلة عددهم، وشظِف عيشهم حجة على أنهم غير محظوظين عند الله، ولم يتفطنوا إلى أن أحوال الدنيا مسببة على أسباب دنيوية لا علاقة لها بأحوال الأولاد. وهذا المبدأ الوهمي السفسطائي خطير في العقائد الضالة التي كانت لأهل الجاهلية والمنتشرة عند غير


(١) سورة سبأ ٣٥ - ٣٦.
(٢) سورة سبأ، الآية (٣١).

<<  <   >  >>