قوله:(معنى قولِه: {مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ} أي: يقتضي، دليلُ الخطابِ أنَّ الله شفيعٌ، وكيف يَحسُن أن يُسمَّى شفيعًا؛ يدلُّ عليه قولُه: ((أي: ناصِرُكم على سبيل المجازِ)).
أجاب أن معنّى {مِّن دُونِهِ}: المجاوزةُ عن رِضاه، يعني:((دون)) هنا: بمعنى التَّجاوُز من شيءٍ إلى شيءٍ، قال الشّاعر:
يا نَفسُ مالَكِ دونَ الله من واقِ
أي: إذا تجاوزتِ وِقايةَ الله ولم تناليها لم يَقِكَ غيرُه، فـ {مِّن دُونِهِ} حالٌ من المجرور، والعاملُ الجارُّ والمجرورُ؛ أي: ما استقرَّ لكم مجاوِزينَ الله شفيعٌ يشفعُ لكم. ويجوز أن يكونَ حالاً من {شَفِيعٍ} قُدِّمت لكون ذِي الحالِ نَكرةً، و ((دون)) بمعنى: غير، والشَّفيعُ بمعنى الناصِر، فيكون عطفُه على {وَلِيٍّ} تتميمًا ومبالغةً؛ كقوله تعالى:{وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}[الشورى: ٣١].
والحاصل أنَّ الشَّفيع على الأوَّل: غيرُ الله، وعلى الثّاني: هو الله تعالى؛ على المجازِ، وبيانُ الاتِّصالِ {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} إلى قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}، وخصوصًا يتولى أمورَ معاشِكُم ومعادِكُم، فإنْ تجاوزتم عنه إلى وليٍّ وشفيعٍ لم تجدوا أبدًا، وهو المتولِّي وهو الشفيعُ والناصرُ لا غير.