{لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ} أي قراباتكم {ولا أَوْلادُكُمْ} الذين توالون الكفار من أجلهم وتتقربون إليهم محاماةً عليهم، ثم قال:{يَوْمَ القِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} وبين أقاربكم وأولادكم {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} الآية [عبس: ٣٤]، فما لكم ترفضون حق الله مراعاةً لحق من يفر منكم غدًا؟ خطأ رأيهم في موالاة الكفار بما يرجع إلى حال
وتحريره: أنه تعالى لما نهى المسلمين عن اتخاذ من يعاديهم أولياء بقوله: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} وأراد أن يخبر عن مطوي سرائرهم من تمنيهم للمسلمين مضار الدنيا والدين، وانتهازهم الفرصة لتحقيق متمناهم قال:{إن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً} كما قررناه، فظهر أن الجزاء مقدر وهذا دال عليه، وهو من إطلاق السبب على المسبب، وفي كلامه إشعار بذلك، وهو قوله:"خالصي العداوة ولا يكونوا لكم أولياء"، وعن بعضهم الواو للحال لا للعطف.
قوله:(وتتقربون إليهم محاماة عليهم)، تعريض بحاطب، وقوله:"وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري، فخشيت على أهلي، فأردت أن أتخذ عندهم يدًا"، وإليه أشار بقوله:"خطأ رأيهم في موالاة الكفار".
قوله:(خطأ رأيهم) إلى قوله: (أولًا) و (ثانيًا)، إشارة إلى أن قوله:{لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ} الآية، متصل بمجموع الشرط والجزاء، وكلاهما كالتعليل لقوله:{لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ} يعني موالاة الكفار خطأ، سواء نظرتم إلى حالكم وحالهم أو نظرتم إلى حال أقربائكم