للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإضافتها إلى الموفي عليها لا تستملح، وإلا فهي داخلية في حيز الحسن، غير خارجة عن حده. ألا ترى أنك قد تعجب بصورة وتستلحها ولا ترى الدنيا بها، ثم ترى أملح وأعلى في مراتب الحسن منها فينبو عن الأولى طرفك، وتستثقل النظر إليها بعد افتتانك بها وتهالكك عليها؟ وقالت الحكماء: شيئان لا غاية لها: الجمال، والبيان.

نبه بعلمه ما في السموات والأرض، ثم بعلمه ما يسره العباد ويعلنونه، ثم بعلمه ذوات الصدور، أن شيئا من الكليات والجزئيات غير خاف عليه ولا عازب عنه، فحقه أن يتقى ويحذر ولا يجترأ على شيء مما يخالف رضاه. وتكرير العلم في معنى تكرير الوعيد، وكل ما ذكره بعد قوله تعالى: {فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ}.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في قوله: "وإلا فهي داخلة" في معنى الشرط، والفاء علة، أي: وإن لا يكن انحطاط بعض الصور ولا تكن هذه الإضافة، لما كان عدم الاستملاح، ولما اقتحمته العيون، لأن هذا البعض داخل في حيز الحسن، والمراد بالموفي عليها: هي التي أتم الله حسنها، يقال: وفى الشيء وفيًا على فعول: تم وكثر، والباء في قوله: "ولا ترى الدنيا بها" بدلية.

قوله: (وكل ما ذكره بعد قوله: {فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ}) "كل" مبتدأ، والخبر "في معنى الوعيد"، "وكما ترى" متعلق بالخبر، أي: كل ما ذكره وارد في معنى الوعيد ورودًا كما ترى، هذا تمسك بدلالة النظم على مطلوبه، وقد ذكر أن الدليل على أن قوله: {فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ} في معنى: "فمنكم آت بالكفر، ومنكم آت بالإيمان وفاعل له" قوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ثم شد عضده بقوله: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

وقلت: أما تقريره النظم على أن "الفاء" في {فَمِنكُمْ كَافِرٌ} تفصيلية، وأن الآيات كلها واردة لبيان عظمة الله في ملكه وملكوته، فهو أنه تعالى لما أثبت لذاته الأقدس التنزيه، وأن كل شيء ينزهه ويقدسه عما لا يليق بجلاله، ثم خص لها صفة المالكية على الإطلاق، وخص

<<  <  ج: ص:  >  >>