للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: كيف وقع النكرة مبتدأ في قوله: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)؟ قلت: هو في أصله مصدرٌ منصوبٌ سادٌّ مسدّ فعله، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه، ونحوه (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الأنعام: ٥٤]، ويجوز: ويلا، بالنصب؛ ولكنه لم يقرأ به، يقال: ويلاً له ويلاً كيلاً.

[(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ١٦ - ١٩]

قرأ قتادة: "نهلك"، بفتح النون، من هلكه بمعنى أهلكه، قال العجاج:

ومهمةٍ هالك من تعرّجا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا ارتياب أنه سبحانه وتعالى مُخبر عن وقوعها وبلوغ ميقاتها، وحضور الرُّسل والشهداء حينئذ فيها، وليس الكلام في تعيين وقتها للرُّسل، وإنما فُسِّر {أُجِّلَتْ} في هذا الوجه بأُخرت ليناسب بلوغ الميقات، وذكر في الأول أن التأجيل من الأجل كالتأقيت من الوقت، ليناسب {أُقِّتَتْ} في كونهما لبيان الوقت، قال الجوهري: "التوقيت تحديد الأوقات، يقال: وَقَّتُّه ليوم كذا، مثل أجَّلته"، واللام للتأريخ.

قوله: (ويلاً كيلاً)، أي: يُكال له الهلاك كيلاً.

قوله: (ومهمه هالك من تعرَّجا)، إن روي: "هالك" مرفوعاً، فهو خبر مبتدأ محذوف، والجملة صفة "مهمه"، وقيل: تعرج: مال. وفي "ديوان الأدب": "تعرج عليه: أي تحبس"، وقيل: "التعريج على الشيء: الإقامة عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>