للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن الحسن أنه سمع رجلاً ينشد:

سيبقى لها في مضمر القلب والحشا … سريرة ود يوم تبلى السرائر

فقال: ما أغفله عما في (وَالسَّمَاءِ والطَّارِقِ)! (فَمَا لَهُ) فما للإنسان، (مِن قُوَّةٍ) من منعة في نفسه يمتنع بها (ولا نَاصِرٍ) ولا مانع يمنعه.

[(والسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ • والأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ • إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ • ومَا هُوَ بِالْهَزْلِ) ١١ - ١٤]

سمي المطر رجعاً، كما سمي أوباً قال:

رباء شمّاء لا يأوى لقلتها … إلا السحاب وإلا الأوب والسبل

تسمية بمصدري: رجع، وآب؛ وذلك أن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض، ثم يرجعه إلى الأرض.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فقال: ما أغفله عما في {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ})، يعني: يشتغل بالشدائد ولا يتفطن لها، إذ لو عقل قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ}، شغله عن هذه المحبة، لكنه ذُهل عن تلك الشؤون حتى تكلم بهذا. روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: "يُبدي الله تعالى يوم القيامة كل خير وشر، فيكون إما زيناً في الوجوه أو شيناً فيها". يعني: من حفظها كان وجهه مشرقاً، ومن ضيعها كان وجهه أغبر.

قوله: (رباء شماء) البيت، وفي "المطلع": زناء، بالزاي والنون المشددة، من: زنأ في الجبل: إذا صعد فيه. ويروى: "رباء"، بالراء والباء الموحدة من تحت، يقال من: ربأ: الرَّبيئة: الديدبان، إذا صعد المربأ وهو المرقب. تم كلامه.

الشمم: ارتفاع الأنف، والنعت منه الأشم. وقيل: شماء مضاف إليه، والسبل: المطر الجود. يصف الهضبة بالارتفاع، والمعنى: هذا الرجل رباء قلعة شماء.

قوله: (كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض)، لعل هذه الوجه غير مرضي، لأن هذا الزعم باطل، وقد مر بطلانه في "البقرة"، ولم يذكره الإمام ولا المفسرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>