للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(سَوْفَ تَعْلَمُونَ) إنذار ليخافوا فينتبهوا من غفلتهم. والتكرير: تأكيد للردع والإنذار عليهم. و (ثُمَّ) دلالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأوّل وأشد، كما تقول للمنصوح: أقول لك ثم أقول لك: لا تفعل، والمعنى: سوف تعلمون الخطأ فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدّامكم من هول لقاء الله، وإنّ هذا التنبيه نصيحة لكم ورحمة عليكم. ثم كرّر التنبيه أيضًا وقال: (لَوْ تَعْلَمُونَ) محذوف الجواب، يعنى: لو تعلمون ما بين أيديكم علم الأمر اليقين، أي: كعلمكم ما تستيقنونه من الأمور التي وكلتم بعلمها هممكم، ........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والأولاد، ومتصل بما بعده على معنى: حقاً سوف تعلمون، لكن حين يصير الفاسق تائباً، والكافر مسلماً، والحريص زاهداً". وفي كلام المصنف إشعار بهذين المعنيين.

الكواشي: "الوقف على {الْمَقَابِرَ}: تام، إن جعل {كَلَّا} تنبيهاً، وإن جعل ردعاً، الوقف على {كَلَّا} ".

فإن قلت: على ما ذهب إليه المصنف، يلزم استعمال اللفظ المشترك في كلا معنييه المخالف. قلت: ليس كذلك؛ إذ المراد أنه إذا ابتدئ بها وقع الاستئناف عندها، فيقدر السؤال: فما جزاء هؤلاء الغفلة، وما يقال في حقهم؟ فيجاب: حقاً سيعلمون مآل حالهم حين يرون الجحيم، ففي الكلام ردع من حيث المعنى. وإذا وُقف عليها يقع السؤال بعدها، أي: فما يُفعل بهؤلاء المطرودين الذين ارتدعوا؟ فيقال: سوف يعلمون ما يُفعل بهم حين يرون الجحيم؛ فالكلام مستلزم للتنبيه من حيث المعنى. قال صاحب "المرشد": "حتى زرتم المقابر: وقف تام، وتبتدئ {كَلَّا} في معنى التهديد والوعيد".

قوله: (يعني: لو تعلمون ما بين أيديكم)، قيل: المراد بالعلم هاهنا: هو علم الشيء في نفسه، لا علمه على صفته.

<<  <  ج: ص:  >  >>