للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصلُّونها (١)، أولئكَ المصلِّين الذين يقومونَ بأعمالِهم ليراهم الناس، وهمُ المنافقون (٢)، الذين لا يعطونَ الناس ولا يُعينونَهم بشيء: لا بزكاةٍ ولا بغيرِها من المنافعِ التي يُنْتَفَعُ بها؛ كالقِدْرِ، والفأسِ، والدَّلْوِ، وغيرِها (٣).


(١) اختلفَ السلفُ في هذا الوصفِ على أقوال:
الأول: الذين يؤخِّرونها عن وقتها، فلا يصلُّون إلا بعدَه، وهو قولُ سعد بن أبي وقاص من طريق ابنه مصعب، وابن عباس من طريق أبي جمرة الضبعي نصر بن عمران، وابن أبزَى من طريق جعفر، ومسروق من طريق أبي الضحى مسلم بن صبيح.
الثاني: يتركونَها فلا يصلُّونَها، وردَ ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق معمر، وابن زيد.
قال الطبري: «وأَوْلى الأقوال في ذلك عندي بالصواب بقوله: {سَاهُونَ}: لاهونَ يتغافَلونَ عنها، وفي اللهوِ عنها والتشاغُلِ بغيرها تضييعها أحياناً، وتضييع وقتها أخرى، وإذا كان ذلك كذلك، صحَّ بذلك قول من قال: عنَى بذلك ترك وقتها، وقول من قال: عنَى به تركَها، لما ذكرت من أن في السَّهْوِ عنها المعاني التي ذُكرت».
ومن ثَمَّ، فالخلاف يرجع إلى أكثر من معنى، وهما معنيان، وكِلاهما محتمَل؛ لأنَّ الذي إن صلاَّها، لا يصلِّيها إلاَّ رياءً، فهو من المنافقين كما ورد عن جمع من السلف، وهذا الصنف أقرب أن يكون هو المَعْنِيُّ بالآية؛ للأوصاف السابقة واللاحقة، ويكون المتهاوِنُ بوقتها السَّاهي عنها لتركِه إيَّاها في الوقت داخِلاً في حُكم المنافقين، فأشبه المنافقين في تهاونِه بالصلاة، والله أعلم.
(٢) ورد ذلك عن علي من طريق مجاهد، وابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، والضحاك من طريق عبيد، وابن زيد.
(٣) أصلُ الماعونِ من كلِّ شيءٍ منفعتُه، ويكون المعنى: يمنعونَ الناسَ منافعَ ما عندهم، وهذا هو العموم في معنى اللفظ: والوارد عن السلف في تفسيرهم أمثلة لهذا العموم، ومنها:
الأول: الماعون: الزكاة، وهي منفعةُ المالِ الواجبة، وبه قال علي بن أبي طالب من طريق مجاهد وأبي صالح، وابن عمر من طريق مجاهد وأبي المغيرة، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وسعيد بن جبير من طريق حسَّان بن مخارق، وقتادة من طريق سعيد، والحسن من طريق سعيد ومحمد بن عقبة ومبارك، والضحاك من طريق عبيد وسلمة، وابن زيد، ومحمد بن الحنفية.
الثاني: الماعون: عاريَّةُ المتاعِ من الدلوِ والقِدْرِ ونحو ذلك، ورد ذلك عن عبد الله بن مسعود من طريق أبي العبيدين وسعد بن عياض والحارث بن سويد ومالك بن الحارث =

<<  <   >  >>