للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هو المعنى المقيد فكيف يصح نفيه؟ وإن أردتم القدر المشترك بين ما سميتموه حقيقة ومجازًا لم يصح نفيه أيضًا. وإن أردتم أمرًا رابعًا فبينوه لنا لنحكم عليه بصحة النفي، أو عدمها. وهذا ظاهر جدًّا لا جواب عنه كما ترى". اهـ كلام ابن القيم -رحمه الله- بلفظه. وهو موضح غاية لما ذكرنا مصرح بأنه ظاهر جدًّا لا جواب عنه.

فإن قيل: هذا الذي قررتم يدل على عدم صحة نفي المجاز أصلًا؛ لأن ابن القيم ساق الكلام المذكور ليبين عدم صحة نفي المجاز وإذًا يرتفع المحذور الناشيء عن القول بصحة نفيه.

فالجواب: أنكم أيها القائلون بالمجاز أنتم الذين أطبقتم على جواز نفيه وتوصلتم بذلك إلى نفي كثير من صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة الصحيحة، زعمًا منكم أنها مجاز وأن المجاز يجوز نفيه، فلو أقررتم بأنه لا يجوز نفيه لوافقتم على أنه أسلوب من أساليب اللغة العربية وهو حقيقة في محله، وسلمتم من نفي صفات الكمال والجلال الثابتة في القرآن.

فإن قيل: الاستعارة مجاز علاقته المشابهة والمستعار له يدعي أنه نفس المستعار منه، وإذا كان نفسه استحال نفيه لاستحالة نفي الشيء عن نفسه، وذلك كما في قول ابن العميد:

قامَتْ تُظللنُي مِنَ الشَّمسِ ... نفسٌ أحبُّ إليَّ مِن نفسي

قامتْ تُظللني ومِن عجبٍ ... شمسٌ تُظللُني مِنَ الشَّمسِ

فإنه استعار الشمس لغلام حسن الوجه، والجامع الحسن

<<  <   >  >>