للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربك قبل أن لا أبقي من قومك أحدا إلا قتلته فهدأ الدم باذن الله تعالى، ورفع بيورزاذان عنهم القتل وقال: آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل، وأيقنت أنه لا رب غيره. وقال لبني إسرائيل: إن خردوش أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره، وإني لا أستطيع أن أعصيه قالوا له افعل ما أمرت به، فأمرهم فحفروا خندقا، وأمرهم بأموالهم من الخيل والبغال والحمير والإبل والبقر والغنم فذبحها حتى سال الدم في العسكر، وأمر بالقتلى الذين قتلوا قبل ذلك فطرحوه على ما قتل من المواشي، فلم يظن خردوش إلا أن ما في الخندق من دماء بني إسرائيل فلما بلغ الدم عسكره، أرسل إلى بيورزاذان أن ارفع عنهم القتل ثم انصرف إلى بابل وقد أفنى بني إسرائيل أو كاد يفنيهم، ونهى الوقعة الأخيرة التي أنزل الله ببني إسرائيل في قوله لتفسدن في الأرض مرتين فكانت الوقعة الأولى بختنصر وجنوده، والأخرى خردوش وجنوده وكانت أعظم الوقعتين، فلم تقم لهم بعد ذلك راية وانتقل الملك بالشام ونواحيها إلى الروم واليونانيين، إلا أن بقايا بني إسرائيل كثروا وكانت لهم الرياسة ببيت المقدس ونواحيها على غير وجه الملك، وكانوا في نعمة إلى أن بدلوا وأحدثوا الأحداث فسلط الله عليهم ططوس ابن أسبيانيوس الرومي، فخرب بلادهم وطردهم عنها، ونزع الله عنهم الملك والرياسة وضربت عليهم الذلة والمسكنة، فما لبثوا في أمة إلا وعليهم الصّغار والجزية وبقي بيت المقدس خرابا إلى خلافة عمر بن الخطاب فعمره المسلمون بأمره، وقيل في سبب قتل يحيى عليه السلام: أن ملك بني إسرائيل كان يكرمه ويدني مجلسه، وأن الملك هوى بنت امرأته، وقال ابن عباس ابنة أخيه فسأل يحيى تزويجها فنهاه عن نكاحها، فبلغ ذلك أمها فحقدت على يحيى وعمدت حين جلس الملك على شرابه فألبستها ثيابا رقاقا حمرا وطيبتها وألبستها الحلي، وأرسلتها إلى الملك وأمرتها أن تسقيه فإن هو راودها عن نفسها أبت عليه حتى يعطيها ما سألته فإذا أعطاها ما سألت سألت رأس يحيى بن زكريا، وأن يؤتى به في طست ففعلت فلما راودها قالت: لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك قال فما تسأليني قالت: رأس يحيى بن زكريا في هذا الطست فقال ويحك سليني غير هذا. قالت:

ما أريد غير هذا فلما أبت عليه، بعث فأتي برأسه حتى وضع بين يديه والرأس يتكلم يقول: لا يحل لك فلما أصبح إذا دمه يغلي، فأمر بتراب فألقي عليه فرقى الدم يغلي فلا زال يغلي، ويلقى عليه التراب، وهو يغلي حتى بلغ سور المدينة وهو في ذلك يرقى ويغلي وسلط الله عليهم ملك بابل فخرب بيت المقدس، وقتل سبعين ألفا حتى سكن دمه قوله عز وجل:

[سورة الإسراء (١٧): الآيات ٨ الى ١٩]

عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢)

وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥) وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧)

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (١٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>