للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرجوا منها أعيدوا فيها، فما هذا الذي تقولون قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: فاقرأ ما قبله إنه في الكفار ثم قال فهل سمعت بمقام محمد الذي يبعثه الله فيه قلت: نعم قال فإن مقام محمد صلّى الله عليه وسلّم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج من النار قال ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه، قال وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال غيره أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم قال فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه، فيخرجون منه كأنهم القراطيس فرجعنا فقلنا ويحكم أترون هذا الشيخ يكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فرجعنا فلا والله ما خرج غير رجل واحد أو كما قال، والأحاديث في الشفاعة كثيرة وأول من أنكرها عمرو ابن عبيد وهو مبتدع باتفاق أهل السنة. وروى أبو وائل عن ابن مسعود أنه قال: إن الله اتخذ إبراهيم خليلا وإن صاحبكم خليل الله وأكرم الخلق عليه. ثم قرأ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال يقعده على العرش. وعن مجاهد مثله وعن عبد الله بن سلام قال يقعد على الكرسي. قوله عز وجل:

[سورة الإسراء (١٧): الآيات ٨٠ الى ٨١]

وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (٨٠) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٨١)

وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ المراد منهما الإدخال والإخراج قال ابن عباس:

معناه أدخلني مدخل صدق المدينة وأخرجني مخرج صدق من مكة نزلت حين أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالهجرة.

وقيل: معناه أخرجني من مكة آمنا من المشركين، وأدخلني مكة ظاهرا عليها بالفتح، وقيل: أدخلني في أمرك الذي أرسلتني به من النبوة مدخل صدق، وأخرجني من الدنيا، وقد قمت بما وجب علي من حق النبوة مخرج صدق وقيل: معناه أدخلني في طاعتك مدخل صدق وأخرجني من المناهي مخرج صدق وقيل: معناه أدخلني حيثما أدخلتني بالصدق، وأخرجني بالصدق ولا تجعلني ممن يخرج بوجه ويدخل بوجه فإن ذا الوجهين لا يكون آمنا عند الله وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً أي حجة بينة وقيل: ملكا قويا تنصرني به على من عاداني وعزا ظاهرا أقيم به دينك فوعده الله لينزعن ملك فارس والروم وغيرهما ويجعله له، وأجاب دعاءه فقال له والله يعصمك من الناس، وقال يظهره على الدين كله وقال: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض الآية. قوله تعالى وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ يعني الإسلام والقرآن وَزَهَقَ الْباطِلُ أي الشرك والشيطان إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً أي مضمحلا غير ثابت، وذلك أن الباطل وإن كان له دولة وصولة في وقت من الأوقات فهو سريع الذهاب والزوال (ق). عن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم مكة يوم الفتح وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا- جاء الحق، وما يبدئ الباطل وما يعيد- قوله تعالى:

[سورة الإسراء (١٧): الآيات ٨٢ الى ٨٤]

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً (٨٢) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (٨٣) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (٨٤)

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ من في قوله تعالى من القرآن لبيان الجنس. والمعنى: ننزل من هذا الجنس الذي هو القرآن ما هو شفاء أي بيان من الضلالة والجهالة، يتبين به المختلف فيه ويتضح به المشكل، ويستشفى به من الشبهة ويهتدى به من الحيرة وهو شفاء القلوب بزوال الجهل عنها. وقيل: هو شفاء للأمراض

<<  <  ج: ص:  >  >>