للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى له الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية للذين يؤلون من نسائهم تَرَبُّصُ أي انتظار أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ والتربص التثبت والانتظار.

فَإِنْ فاؤُ أي رجعوا عن اليمين بالوطء، والمعنى فإن رجعوا عما حلفوا عليه من ترك جماعها فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ للزوج إذا تاب من إضراره بامرأته فإنه غفور رحيم لكل التائبين.

(فروع) تتعلق بحكم الآية:

(الفرع الأول): إذا حلف أنه لا يقرب زوجته أبدا أو مدة هي أكثر من أربعة أشهر فهو مول، فإذا مضت أربعة أشهر، يوقف الزوج، ويؤمر بالفيء وهو الرجوع أو الطلاق، وذلك بعد مطالبة الزوجة فإن رجع عما قال بالوطء إن قدر عليه أو بالقول مع العجز عنه، فإن لم يفيء ولم يطلق طلق عليه الحاكم واحدة، وهو قول عمر وعثمان وأبي الدرداء وابن عمر، قال سليمان بن يسار: أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم كلهم يقول:

يوقف المولي. وذهب إليه سعيد بن جبير وسليمان بن يسار ومجاهد. وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال ابن عباس وابن مسعود: إذا مضت مدة أربعة أشهر يقع عليها طلقة بائنة. وبه قال سفيان الثوري وأبو حنيفة، وقال سعيد بن المسيب والزهري: يقع عليها طلقة رجعية.

(الفرع الثاني): لو حلف أن لا يطأها أقل من أربعة أشهر فليس بمول بل هو حالف فإن وطئها قبل مضي المدة لزمه كفارة يمين.

(الفرع الثالث): لو حلف أن لا يطأها أربعة أشهر، فليس بمول بعد مضي المدة عند الشافعي لأن بقاء المدة شرط للوقوف، وثبوت المطالبة بالفيء أو الطلاق، وقد مضت المدة، وعند أبي حنيفة يكون موليا ويقع الطلاق بمضي المدة.

(الفرع الرابع): مدة الإيلاء أربعة أشهر في حق الحر والعبد، جميعا عند الشافعي لأنها مدة ضربت لمعنى يرجع إلى الطبع وهو قلة صبر المرأة عن الزوج فيستوي فيه الحر والعبد كمدة العنة وعن مالك وأبي حنيفة تتنصف مدة الإيلاء بالرق غير أن عند أبي حنيفة تنتصف مدة الإيلاء برق المرأة، وعند مالك برق الزوج كما في الطلاق.

(الفرع الخامس): إذا وطئ خرج من الإيلاء ويجب عليه كفارة يمين، وهذا قول أكثر العلماء وقيل: لا كفارة عليه لأن الله تعالى وعده المغفرة فقال: فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ومن قال: بوجوب الكفارة عليه، قال: ذلك في إسقاط العقوبة عنه لا في الكفارة.

[سورة البقرة (٢): الآيات ٢٢٧ الى ٢٢٨]

وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨)

قوله تعالى: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ أي تحققوه بالإيقاع فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يعني أي لأقوالهم عَلِيمٌ يعني بنياتهم وفيه دليل على أنها لا تطلق ما لم يطلقها زوجها، لأنه تعالى شرط فيها العزم. قوله عز وجل:

وَالْمُطَلَّقاتُ أي المخليات من حبال أزواجهن والمطلقة هي التي أوقع الزوج عليها الطلاق يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أي ينتظرن فلا يتزوجن ثَلاثَةَ قُرُوءٍ جمع قرء والقرء اسم يقع على الحيض، والطهر، قال أبو عبيدة: الأقراء من الأضداد كالشفق اسم للحمرة، والبياض وقيل: إنه حقيقة في الحيض مجاز في الطهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>