للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الذاريات (٥١): الآيات ٢٥ الى ٣٤]

إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩)

قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤)

إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أي غرباء لا نعرفكم.

قال ابن عباس: قال في نفسه هؤلاء قوم لا نعرفهم وقيل: إنما أنكر أمرهم، لأنهم دخلوا بغير استئذان وقيل: أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض فَراغَ أي عدل ومال إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ أي جيد وكان مشويا. قيل: كان عامة مال إبراهيم البقر فجاء بعجل فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ هذا من آداب المضيف أن يقدم الطعام إلى الضيف ولا يحوجهم السعي إليه فلما لم يأكلوا قالَ أَلا تَأْكُلُونَ يعني أنه حثهم على الأكل. وقيل:

عرض عليهم الأكل من غير أن يأمرهم فَأَوْجَسَ أي فأضمر مِنْهُمْ خِيفَةً لأنهم لم يتحرموا بطعامه قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ أي يبلغ ويعلم وقيل: عليم أي نبي فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ قيل لم يكن ذلك إقبالا من مكان إلى مكان بل كانت في البيت فهو كقول القائل أقبل يفعل كذا إذا أخذ فيه فِي صَرَّةٍ أي في صيحة والمعنى أنها أخذت تولول وذلك من عاد النساء إن سمعن شيئا فَصَكَّتْ وَجْهَها قال ابن عباس: لطمت وجهها. وقيل: جمعت أصابعها وضربت جبينها تعجبا وذلك من عادة النساء أيضا إذا أنكرن شيئا وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ معناه: أتلد عجوز عقيم وذلك لأن سارة لم تلد قبل ذلك قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ أي كما قلنا لك قال ربك إنك ستلدين غلاما إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ثم إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما علم حالهم وأنهم من الملائكة قالَ فَما خَطْبُكُمْ أي فما شأنكم وما طلبكم أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ يعني قوم لوط لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ قيل هو الآجر مُسَوَّمَةً أي معلمة قيل على كل حجر اسم من يهلك به.

وقيل: معلمه بعلامة تدل على أنها ليست من حجارة الدنيا عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ قال ابن عباس يعني المشركين لأن الشرك أسرف الذنوب وأعظمها.

[سورة الذاريات (٥١): الآيات ٣٥ الى ٤٣]

فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩)

فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣)

فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها أي في قرى قوم لوط مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ أي أهل بيت مِنَ الْمُسْلِمِينَ يعني لوطا وابنتيه وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعا لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم.

لأن الإسلام أعم من الإيمان. وإطلاق العام على الخاص لا مانع منه فإذا سمي المؤمن مسلما، لا يدل على اتحاد مفهوميهما وَتَرَكْنا فِيها أي في مدينة قوم لوط آيَةً أي عبرة لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ والمعنى تركنا فيها علامة للخائفين تدلهم على أن الله مهلكهم فيخافون مثل عذابهم قوله عز وجل: وَفِي مُوسى أي وتركنا في إرسال موسى آية وعبرة إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي حجة ظاهرة فَتَوَلَّى أي أعرض عن الإيمان بِرُكْنِهِ أي بجمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ أي فأغرقناهم في البحر هُوَ مُلِيمٌ

أي آت بما يلام عليه من دعوى الربوبية وتكذيب الرسل وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>