للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثاني المطلقة المدخول بها: فيها قولان قال في القديم: لا متعة لها لأنها تستحق المهر كاملا، وبه قال أبو حنيفة، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وقال في الجديد: لها المتعة لقوله تعالى: وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وهو الرواية الأخرى عن أحمد قال ابن عمر: لكل مطلقة متعة إلّا التي فرض لها المهر ولم يدخل بها زوجها فحسبها نصف المهر.

الفرع الثالث في قدر المتعة: قال ابن عباس: أعلاها خادم، وأوسطها ثلاثة أثواب درع وخمار وإزار، وأقلها دون ذلك وقاية أو مقنعة أو شيء من الورق وهو مذهب الشافعي لأنه قال أعلاها على الموسع خادم وأوسطها ثوب وأقلها ما له ثمن وحسن ثلاثون درهما. وروي أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته وحممها، يعني متعها جارية سوداء، ومتع الحسن بن علي زوجته بعشرة آلاف درهم فقالت. متاع قليل من حبيب مفارق.

وقال أبو حنيفة: مبلغها إذا اختلف الزوجان قدر نصف مهر مثلها لا يجاوز وقال أحمد في إحدى الروايتين عنه تتقدر بما تجزي فيه الصلاة وقال في الرواية الأخرى تتقدر بتقدير الحاكم، والآية تدل على أن المتعة تعتبر بحال الزوج في اليسر والعسر وأنه مفوض إلى الاجتهاد لأنها كالنفقة التي أوجبها الله تعالى للزوجات، وبين أن حال الموسر مخالف حال المعسر في ذلك.

الفرع الرابع: ومن حكم الآية أن من تزوج امرأة بالغة برضاها على غير مهر صح النكاح، ولها مطالبته بأن يفرض لها صداقا، فإن دخل بها قبل الفرض فلها عليه مهر مثلها وإن طلقها قبل الفرض والدخول فلها المتعة.

قوله عز وجل:

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٣٧]]

وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧)

وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ يعني تجامعوهن وهذا في المطلقة بعد تسمية المهر وقبل الدخول حكم الله لها بنصف المهر ولا عدة عليها وهو قوله تعالى: وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً أي سميتم لهن مهرا فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ أي فلهن نصف المهر المسمى، ومذهب الشافعي أن الخلوة من غير مسيس لا توجب إلا نصف المهر المسمى لأن المسيس إما حقيقة في المس باليد أو جعل كناية عن الجماع وأيهما كان فقد وجد الطلاق قبله. وقال أبو حنيفة: الخلوة الصحيحة تقرر المهر ومعنى الخلوة الصحيحة أن يخلو بها وليس هناك مانع حسي ولا شرعي، فالحسي نحو الرتق والقرن أو يكون معهما ثالث، والشرعي نحو الحيض والنفاس وصوم الفرض وصلاة الفرض والإحرام سواء كان فرضا أو نفلا، والآية حجة لمذهب الشافعي، قال شريح: لم أسمع الله ذكر في كتابه بابا ولا سترا إن زعم أنه لم يمسها فلها نصف الصداق، وقال ابن عباس: إذا خلا بها ولم يمسها فلها نصف المهر.

فرع: لو مات أحد الزوجين بعد التسمية وقبل المسيس فلها المهر كاملا وعليها العدة إن كان الزوج هو الميت. وقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ يعني النساء المطلقات والمعنى إلّا أن لا تترك المرأة نصيبها من الصداق فتهبه للزوج فيعود جميع الصداق إلى الزوج أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ فيه قولان: أحدهما أنه الولي وهو قول ابن عباس في رواية عنه والحسن وعلقمة وطاوس والشعبي والنخعي والزهري والسدي وبه قال الشافعي في القديم ومالك. والقول الثاني أنه الزوج، وهو قول علي وابن عباس في الرواية الأخرى وجبير بن مطعم وسعيد بن المسيب وابن جبير ومجاهد والربيع وقتادة ومقاتل والضحاك ومحمد بن كعب القرظي وهو قول أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>