للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة القمر]

(مكية وهي خمس وخمسون آية وثلاثمائة واثنتان وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وثلاثون وعشرون حرفا) بسم الله الرّحمن الرّحيم

[سورة القمر (٥٤): الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣)

قوله عز وجل: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ أي دنت القيامة وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قيل: فيه تقديم وتأخير تقديره انشق القمر واقتربت الساعة وانشقاق القمر من آيات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الظاهرة ومعجزاته يدل عليه ما روي عن أنس: «أن أهل مكة سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين».

أخرجه البخاري ومسلم. وزاد الترمذي فنزلت اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ إلى قوله سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ولهما عن ابن مسعود. قال: «انشق القمر على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شقتين فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اشهدوا» وفي رواية أخرى قال: «بينما نحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمنى إذ انفلق القمر فلقتين، فلقة فوق الجبل، وفلقة دونه. فقال لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اشهدوا» ولهما عن ابن عباس قال: «إن القمر انشق في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» (م) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «انشق القمر على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلقتين فستر الجبل فلقة وكانت فلقة فوق الجبل فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اشهدوا» وعن جبير بن مطعم قال: «انشق القمر على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصار فرقتين فقالت قريش سحر محمد أعيننا، فقال بعضهم لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر الناس كلهم» أخرجه الترمذي وزاد غيره فكانوا يتلقون الركبان فيخبرونهم بأنهم قد رأوه فيكذبونهم.

قال مقاتل: انشق القمر ثم التأم بعد ذلك. وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت قريش: سحركم ابن أبي كبشة فسألوا السفارة فقالوا: نعم. قد رأيناه فأنزل الله تعالى:

اقتربت الساعة وانشق القمر. فهذه الأحاديث الصحيحة قد وردت بهذه المعجزة العظيمة، مع شهادة القرآن المجيد بذلك فإنه أدل دليل وأقوى مثبت له وإمكانه لا يشك فيه مؤمن وقد أخبر عنه الصادق فيجب الإيمان به واعتقاد وقوعه.

وقال الشيخ محيي الدين النووي في شرح صحيح مسلم، قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين المخالفي الملة وذلك لما أعمى الله قلبه ولا إنكار للعقل فيها لأن القمر مخلوق لله تعالى يفعل فيه ما يشاء كما يفنيه ويكوره في آخر أمره. فأما قول بعض الملاحدة لو وقع هذا النقل متواترا واشترك أهل الأرض كلهم في رؤيتهم له ومعرفته ولم يختص بها أهل مكة فأجاب العلماء عن هذا بأن هذا الانشقاق حصل في الليل ومعظم الناس نيام غافلون والأبواب مغلقة وهم مغطون بثيابهم فقل من يتفكر في السماء أو ينظر إليها إلا الشاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>