للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهني أنه كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فقال يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا» وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم أي أن نكاح المتعة حرام والآية منسوخة واختلفوا في ناسخها فقيل نسخت بالسنة وهو ما تقدم من حديث سبرة الجهني (ق) عن

علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية» وهذا على مذهب من يقول إن السنة تنسخ القرآن ومذهب الشافعي أن السنّة لا تنسخ القرآن فعلى هذا يقول: إن ناسخ هذه الآية قوله تعالى في سورة المؤمنون: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ والمنكوحة في المتعة ليست بزوجة ولا ملك يمين واختلفت الروايات عن ابن عباس في المتعة فروي عنه أن الآية محكمة وكان يرخص في المتعة. قال عمارة سألت ابن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح؟ فقال لا سفاح ولا نكاح.

قلت: فما هي؟ قال متعة؟ قال الله تعالى فما به منهن قلت هل لها عدة قال نعم؟ حيضة قلت هل يتوارثان؟ قال لا وروى أن الناس لما ذكروا الأشعار في فتيا ابن عباس بالمتعة قال: قاتلهم الله أنا ما أفتيت بإباحتها على الإطلاق لكن قلت إنما تحل للمضطر كما تحل الميتة له وروي أنه رجع عنه. وقال بتحريمها وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله فما استمتعتم به منهن إنها صارت منسوخة بقوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وروى سالم بن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام ينكحون هذه المتعة وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنها لا أجد رجلا نكحها إلا رجمته بالحجارة وقال هدم المتعة: النكاح والطلاق والعدة والميراث قال الشافعي: لا أعلم في الإسلام شيئا أحل ثم حرم ثم أحل ثم حرم غير المتعة. وقال أبو عبيد: المسلمون اليوم مجمعون على أن متعة النساء قد نسخت بالتحريم نسخها الكتاب والسنّة هذا قول أهل العلم جميعا من أهل: الحجاز والشام والعراق من أصحاب الأثر والرأي وأنه لا رخصة فيها لمضطر ولا لغيره قال ابن الجوزي في تفسيره: وقد تكلف قوم من مفسري القرآن فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة ثم نسخت بما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه نهى عن متعة النساء وهذا تكلف لا يحتاج إليه لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أجاز المتعة ثم منع منها فحرمها فكان قوله منسوخا بقوله وأما الآية فإنها لم تتضمن جواز المتعة لأنه تعالى قال فيها إن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فدل ذلك على النكاح الصحيح. قال الزّجاج ومعنى قوله فما استمتعتم به منهن فما نكحتموه على الشرائط التي جرت وهو قوله محصنين غير مسافحين أي عاقدين التزويج. وقال ابن جرير الطبري: أولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوله فما نكحتموه منهن فجامعتموهن فآتوهن أجورهن لقيام الحجة بتحريم الله تعالى متعة النساء على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقوله تعالى: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ يعني مهورهن فَرِيضَةً يعني لازمة وواجبة وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ اختلفوا فيه فمن حمل ما قبله على نكاح المتعة قال: أراد إنهما إذا عقد عقدا إلى أجل على مال فإذا تم الأجل فإن شاءت المرأة زادت في الأجل وزاد الرجل في الأجر، وإن لم يتراضيا فارقها وقد تقدم أن ذلك كان جائزا ثم نسخ وحرم ومن حمل الآية على الاستمتاع بالنكاح الصحيح. قال المراد بقوله ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به يعني من الإبراء من المهر والافتداء والاعتياض. وقال الزّجاج معناه لا جناح عليكم أن تهب المرأة للزوج مهرها وأن يهب الرجل للمرأة التي لم يدخل بها نصف المهر الذي لا يجب عليه إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً يعني بما يصلحكم أيها الناس في مناكحكم وغيرها من سائر أموركم حَكِيماً يعني فيما دبر لكم من التدبير وفيما يأمركم به وينهاكم عنه ولا يدخل حكمه خلل ولا زلل.

(فصل في قدر الصداق وما يستحب منه) اعلم أنه لا تقدير لأكثر الصداق لقوله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً والمستحب أن

<<  <  ج: ص:  >  >>