للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الحسن وعطاء بن أبي رباح والشعبي وعكرمة وقتادة والزهري والحكم وحماد وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد والرواية الأخرى مثل هذا مذهب الشافعي.

وأجمعوا على تحريم ذبائح المجوس وسائر أهل الشرك من مشركي العرب وعبدة الأصنام ومن لا كتاب له، وأجمعوا على أن المراد بطعام الذين أوتوا الكتاب ذبائحهم خاصة لأن ما سوى الذبائح فهي محللة قبل أن كانت لأهل الكتاب وبعد أن صارت لهم فلا يبقى لتخصيصها بأهل الكتاب فائدة ولأن ما قبل هذه الآية في بيان حكم الصيد والذبائح فحمل هذه الآية عليه أولى ولأن سائر الطعام لا يختلف من تولاه من كتابي أو غيره، وإنما تختلف الذكاة، فلما خص أهل الكتاب بالذكر دل على أن المراد بطعامهم وذبائحهم واختلف العلماء فيما لو ذبح يهودي أو نصراني على غير اسم الله فقال ابن عمر: لا يحل ذلك وهو قول ربيعة وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يحل. سئل الشعبي وعطاء عن النصراني يذبح باسم المسيح فقال: يحل فإن الله قد أحل ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون.

وقال الحسن: إذا ذبح اليهودي والنصراني وذكر غير اسم الله وأنت تسمع فلا تأكل وإذا غاب عنك فكل فقد أحله الله لك وقد زعم قوم أن هذه الآية اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب مطلقا وإن ذكروا غير اسم الله فيكون هذا ناسخا لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وليس الأمر كذلك ولا نسخ لأن الأصل أنهم يذكرون الله عند الذبح فيحمل أمرهم على هذا فإن تيقنا أنهم ذبحوا على غير اسم الله لم تأكل ولا وجه للنسخ.

وقوله تعالى: وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ يعني أن ذبائحنا لهم حلال وهذا يدل على أنهم مخاطبون بشريعتنا.

وقال الزجاج: معناه ويحل لكم أن تطعموهم من طعامكم فجعل الخطاب للمؤمنين على معنى أن التحليل يعود إلى إطعامنا إياهم لا إليهم لأنه لا يمتنع أن يحرم الله تعالى أن تطعمهم من ذبائحنا. وقيل: إن الفائدة في ذكر ذلك أن إباحة المناكحة غير حاصلة من الجانبين وإباحة الذبائح كانت حاصلة من الجانبين لا جرم ذكر الله تعالى ذلك تنبيها على التمييز بين النوعين ثم قال تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ قال مجاهد: هن الحرائر فعلى هذا القول لا تدخل الأمة المؤمنة في هذا التحليل ومن أجاز نكاحهن أجازه بشرطين: خوف العنت، وعدم طول الحرة.

وقال ابن عباس: المحصنات: العفائف. فعلى هذا القول لا يحل نكاح الزانية لأنها لم تدخل في هذا التحليل وأباح العلماء نكاحها إذا تابت وحسنت توبتها.

روى طارق بن شهاب أن رجلا أراد أن يزوج أخته فقالت: إني أخشى أن أفضحك إني قد بغيت فأتى عمر فذكر ذلك له منها فقال: أليس قد تابت؟ قال: بلى. قال: فزوجها. وقيل: إنما خص المحصنات بالذكر وهن الحرائر أو العفائف ليحث المؤمنين على تخير النساء ليكون الولد كريم الأصل من الطرفين.

وقوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعني وأحل لكم المحصنات من أهل الكتاب اليهود والنصارى. قال ابن عباس: يعني الحرائر من أهل الكتاب. وقال الحسن والشعبي والنخعي والضحاك: يريد العفائف من أهل الكتاب فعلى قول ابن عباس: لا يجوز التزوج بالأمة الكتابية وهو مذهب الشافعي قال: لأنه اجتمع في حقها نوعان من النقصان، الكفر، والرق. وعلى قول الحسن ومن وافقه، يجوز التزويج بالأمة الكتابية وهو مذهب أبي حنيفة لعموم هذه الآية. واختلف العلماء في حكم هذه المسألة فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التزويج بالذميات من اليهود والنصارى. روي أن عثمان بن عفان تزوج نائلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية وأن طلحة بن عبيد الله تزوج يهودية وروي عن ابن عمر كراهية ذلك ويحتج

<<  <  ج: ص:  >  >>