للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغنيمة إن كنتم آمنتم بالله وصدقتم بوحدانيته وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يعني وآمنتم بالمنزل على عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذه إضافة تشريف وتعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم والذي أنزله على عبده محمد صلى الله عليه وسلم يسألونك عن الأنفال الآية يَوْمَ الْفُرْقانِ يعني يوم بدر. قال ابن عباس: يوم الفرقان يوم بدر فرق الله عز وجل بين الحق والباطل يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ يعني جميع المؤمنين وجميع الكافرين وهو يوم بدر وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة فالتقوا يوم الجمعة لتسع عشرة أو لسبع عشرة من رمضان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا والمشركون ما بين الألف والتسعمائة فهزم الله المشركين وقتل منهم زيادة على سبعين وأسر منهم مثل ذلك وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يعني على نصركم أيها المؤمنون مع قلتكم وكثرة أعدائكم.

[سورة الأنفال (٨): الآيات ٤٢ الى ٤٤]

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)

قوله سبحانه وتعالى: إِذْ أَنْتُمْ أي اذكروا نعمة الله عليكم يا معشر المسلمين إذ أنتم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا يعني بشفير الوادي الأدنى من المدينة والدنيا هنا تأنيث الأدنى وَهُمْ يعني المشركين بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى يعني بشفير الوادي الأقصى من المدينة مما يلي مكة والقصوى تأنيث الأقصى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ يعني أبا سفيان وأصحابه وهم غير قريش التي خرجوا لأجلها وكانوا في موضع أسفل من موضع المؤمنين إلى ساحل البحر على ثلاثة أميال من بدر وَلَوْ تَواعَدْتُمْ يعني أنتم والمشركون لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وذلك لأن المسلمين خرجوا ليأخذوا العير وخرج الكفار ليمنعوها من المسلمين فالتقوا على غير ميعاد والمعنى ولو تواعدتم أنتم والكفار على القتال لاختلفتم أنتم وهم لقتلكم وكثرة عدوكم وَلكِنْ يعني ولكن الله جمعكم على غير ميعاد لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا يعني من نصر أوليائه وإعزاز دينه وإهلاك أعدائه وأعداء دينه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ يعني ليموت من مات عن بينة رآها وعبرة عاينها وحجة قامت عليه وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ يعني ويعيش من عاش عن بينة رآها وعبرة شاهدها وحجة قامت عليه وقال محمد بن إسحاق: معناه ليكفر من كفر بعد حجة قامت عليه ويؤمن من آمن على مثل ذلك لأن الهلاك هو الكفر والحياة هي الإيمان ونحوه قال قتادة ليضل من ضل على بينة ويهتدي من اهتدى على بينة وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ يعني يسمع دعاءكم ويعلم نياتكم ولا تخفى عليه خافية.

قوله عز وجل: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ يعني: واذكر يا محمد نعمة الله عليك إذ يريك المشركين فِي مَنامِكَ يعني في نومك قَلِيلًا قال مجاهد: أراهم الله في منامه قليلا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك وكان ذلك تثبيتا.

وقال محمد بن إسحاق: فكان ما أراه الله من ذلك نعمة من نعمه عليهم يشجعهم بها على عدوهم، فكف عنهم بها ما تخوف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم. وقيل: لما أرى الله النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش في منامه قليلا فأخبر بذلك أصحابه قالوا: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق فصار ذلك سببا لجراءتهم على عدوهم وقوة لقلوبهم. وقال الحسن: إن هذه الإراءة كانت في اليقظة. والمراد من المنام، العين، لأنها موضع النوم وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ يعني لجبنتم والفشل ضعف مع جبن والمعنى ولو أراكهم كثيرا فذكرت ذلك لأصحابك لفشلوا وجبنوا عنهم وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ يعني اختلفتم في أمر الإقدام عليهم أو الإحجام عنهم وقيل معنى التنازع في الأمر الاختلاف الذي تكون معه مخاصمة ومجادلة ومجاذبة كل واحد إلى واحد إلى ناحية والمعنى: لاضطرب أمركم واختلفت كلمتكم

<<  <  ج: ص:  >  >>