للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: إن الله عز وجل أعطاه قوة وأقدره على ذلك كما أعطى الملائكة قوة وأقدرهم على أن يتشكلوا بصورة البشر لكن النفس الباطنة لم تتغير فلم يلزم من تغير الصورة تغير الحقيقة.

[سورة الأنفال (٨): الآيات ٤٩ الى ٥٠]

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩) وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠)

قوله عز وجل: إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ يعني من أهل المدينة وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شك وارتياب وهم قوم من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يقو الإسلام في قلوبهم ولم يتمكن فلما خرج كفار قريش إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا معهم إلى بدر فلما نظروا إلى قلة المسلمين ارتابوا وارتدوا وقالوا غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ يعني أن هؤلاء نفر قليلون يقاتلون أضعافهم فقد غرهم دينهم الإسلام على ذلك وحملهم على قتل أنفسهم رجاء الثواب في الآخرة فقتلوا جميعا يوم بدر. وقال مجاهد: إن فئة من قريش وهم قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة بن زمعة بن الأسود بن المطلب، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج، خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب، فحبسهم ارتيابهم فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: غر هؤلاء دينهم ثم قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ يعني ومن يسلم أمره إلى الله ويثق بفضله ويعول على إحسانه فَإِنَّ اللَّهَ حافظه وناصره لأنه عَزِيزٌ لا يغلبه شيء حَكِيمٌ فيما قضى وحكم فيوصل الثواب إلى أوليائه والعقاب إلى أعدائه.

قوله عز وجل: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يعني: ولو عاينت يا محمد وشهدت إذ تقبض الملائكة أرواح الذين كفروا عند الموت لرأيت أمرا عظيما ومنظرا فظيعا وعذابا شديدا ينالهم في ذلك الوقت يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ اختلفوا في وقت هذا الضرب، فقيل: هو عند الموت تضرب الملائكة وجوه الكفار وأدبارهم بسياط من نار. وقيل: إن الذين قتلوا يوم بدر من المشركين كانت الملائكة تضرب وجوههم وأدبارهم. وقال ابن عباس: كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين ضربت الملائكة وجوههم بالسيوف وإذا ولوا أدبارهم ضربت الملائكة أدبارهم. وقال ابن جريج: يريد، ما أقبل من أجسادهم وأدبر يعني يضربون جميع أجسادهم وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ يعني وتقول لهم الملائكة عند القتل: ذوقوا عذاب الحريق.

قيل: كان مع الملائكة مقامع من حديد محمية بالنار يضربون بها الكفار فتلتهب النار في جراحاتهم. وقال ابن عباس: تقول لهم الملائكة ذلك بعد الموت. وقال الحسن: هذا يوم القيامة تقول لهم الزبانية ذوقوا عذاب الحريق.

[سورة الأنفال (٨): الآيات ٥١ الى ٥٤]

ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٥١) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤)

ذلِكَ يعني الذي نزل بكم من القتل والضرب والحريق بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ يعني إنما حصل لكم ذلك بسبب ما كسبت أيديكم من الكفر والمعاصي.

<<  <  ج: ص:  >  >>