للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة هود]

وهي مكية في قول ابن عباس وبه قال الحسن وعكرمة ومجاهد وابن زيد وقتادة وفي رواية عن ابن عباس أنها مكية غير آية وهي قوله سبحانه وتعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وعن قتادة نحوه وقال مقاتل: هي مكية إلا قوله سبحانه فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وقوله أولئك يؤمنون به وقوله سبحانه وتعالى إن الحسنات يذهبن السيئات وهي مائة وثلاث وعشرون آية وألف وستمائة كلمة وتسعة آلاف وخمسمائة وسبعة وستون حرفا عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله قد شبت قال: «شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت» أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن غريب. وفي رواية غيره قال قلت «يا رسول الله عجل إليك الشيب قال شيبتني هود وأخواتها الحاقة والواقعة وعم يتساءلون وهل أتاك حديث الغاشية»، قال بعض العلماء: سبب شيبه صلى الله عليه وسلم من هذه السور المذكورة في الحديث لما فيها من ذكر القيامة والبعث والحساب والجنة والنار والله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[[سورة هود (١١): آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)

قوله عز وجل: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قال ابن عباس: لم ينسخها كتاب كما نسخت هي الكتب والشرائع ثُمَّ فُصِّلَتْ يعني بينت وقال الحسن: أحكمت آياته بالأمر والنهي وفصلت بالثواب والعقاب وفي رواية عنه بالعكس، قال: أحكمت بالثواب والعقاب وفصلت بالأمر والنهي، وقال قتادة: أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بعلمه فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته فيها وقيل: أحكمها الله فليس فيها تناقض ثم فصلها وبينها وقيل معناه نظمت آياته نظما رصينا محكما بحيث لا يقع فيه نقض ولا خلل كالبناء المحكم الذي ليس فيه خلل ثم فصلت آياته سورة سورة وقيل إن آيات هذا الكتاب دالة على التوحيد وصحة النبوة والمعاد وأحوال القيامة وكل ذلك لا يدخله النسخ ثم فصلت بدلائل الأحكام والمواعظ والقصص والإخبار عن المغيبات، وقال مجاهد:

فصلت بمعنى فسرت وثم في قوله ثم فصلت ليست هي للتراخي في الوقت ولكن في الحال كما تقول هي محكمة أحسن الإحكام ثم مفصلة أحسن التفصيل فإن قلت كيف عم الآيات هنا بالأحكام وخص بعضها في قوله منه آيات محكمات.

قلت: إن الإحكام الذي عم به هنا غير الذي خص به هناك فمعنى الإحكام العام هنا أنه لا يتطرق إلى آياته التناقض والفساد كأحكام البناء فإن هذا الكتاب نسخ جميع الكتب المتقدمة عليه والمراد بالأحكام الخاص المذكور في قوله منه آيات محكمات أن بعض آياته منسوخة نسخها بآيات منه أيضا لم ينسخها غيره وقيل أحكمت آياته أي معظم آياته محكمة وإن كان قد دخل النسخ على البعض فأجرى الكل على البعض لأن الحكم للغالب وإجراء الكل على البعض مستعمل في كلامهم تقول أكلت طعام زيد وإنما أكلت بعضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>