للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (ق) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا لا قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا» (خ) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات» قال الحسن وما يبقى من الدرن.

قال العلماء: الصغائر من الذنوب تكفرها الأعمال الصالحات مثل الصلاة والصدقة والذكر والاستغفار ونحو ذلك من أعمال البر وأما الكبائر من الذنوب فلا يكفرها إلا التوبة النصوح ولها ثلاث شرائط: الشرط الأول: الإقلاع عن الذنب بالكلية.

الثاني: الندم على فعله.

الثالث: العزم التام أن لا يعود إليه في المستقبل، فإذا حصلت هذه الشرائط صحت التوبة وكانت مقبولة إن شاء الله تعالى، وقال مجاهد في تفسير الحسنات إنها قول سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والقول الأول أصح أنها الصلوات الخمس وهو قول ابن مسعود وابن عباس وابن المسيب ومجاهد في إحدى الروايتين عنه والقرظي والضحاك وجمهور المفسرين ذلِكَ إشارة إلى ما تقدم ذكره من الاستقامة والتوبة وقيل هو إشارة إلى القرآن ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ يعني عظة للمؤمنين المطيعين وَاصْبِرْ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يعني واصبر يا محمد على أذى قومك وما تلقاه منهم، وقيل معناه واصبر على الصلاة فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ يعني أعمالهم، قال ابن عباس: يعني المصلين.

[سورة هود (١١): الآيات ١١٦ الى ١١٩]

فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)

قوله سبحانه وتعالى: فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ يعني فهلا كان من القرون التي أهلكناهم مِنْ قَبْلِكُمْ يعني يا أمة محمد أُولُوا بَقِيَّةٍ يعني أولوا تمييز وطاعة وخير يقال فلان ذو بقية إذا كان فيه خير وقيل معناه أولوا بقية من خير يقال فلان على بقية من الخير إذا كان على خصلة محمودة يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ يعني يقومون بالنهي عن الفساد في الأرض والآية للتقريع والتوبيخ يعني لم يكن فيهم من فيه خير ينهى عن الفساد عن الأرض فلذلك أهلكناهم إِلَّا قَلِيلًا هذا استثناء منقطع معناه لكن قليلا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ يعني من آمن الأمم الماضية وهم أتباع الأنبياء كانوا ينهون عن الفساد في الأرض وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ يعني واتبع الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي ما تنعموا فيه والترف التنعم والمعنى أنهم اتبعوا ما تعودوا به من النعم وإيثار اللذات على الآخرة ونعيمها وَكانُوا مُجْرِمِينَ يعني كافرين وَما كانَ رَبُّكَ يعني وما كان ربك يا محمد لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ يعني لا يهلكهم بظلم منه وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ يعني: في أعمالهم ولكن يهلكهم بكفرهم وركوبهم السيئات، وقيل: في معنى الآية وما كان ربك ليهلك القرى بمجرد شركهم إذا كانوا مصلحين يعني يعامل بعضهم بعضا بالصلاح والسداد والمراد من الهلاك عذاب الاستئصال في الدنيا أما عذاب الآخرة فهو لازم لهم ولهذا قال بعض الفقهاء إن حقوق الله مبناها على المسامحة والمساهلة وحقوق العباد مبناها على التضييق والتشديد قوله عز وجل: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً

يعني كلهم على دين واحد وشريعة واحدة وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ يعني على أديان شتى ما بين يهودي ونصراني ومجوسي ومشرك ومسلم فكل أهل دين من

<<  <  ج: ص:  >  >>