للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام- هبت الرياح والرعود وغيرها ومع ذلك ما كان يصلي غير الكسوف، لدل هذا على أنه لا يصلى إلى للكسوف.

وقال بعض أهل العلم: يصلى للكسوف وللزلازل لورود ذلك عن الصحابة في الزلازل، والصحابي فعله حجة إذا لم يخالفه غيره.

وقال آخرون: بل يصلى لكل آية إلا ما ورد له سنة معينة فيقتصر فيه على ما ورد، فمثلا الريح ورد بها سنة معينة وهي الاستعاذة منها وسؤال خيرها فلا يصلى لها، ولكن غيرها من الأشياء التي تخوف العباد يصلى لها، مثل لو فرض أن الله عز وجل أرسل صواعق وصارت الصواعق متتالية دائمًا دائمًا دائمًا في زمن من الأزمان هذا يرعب أشد من إرعاب الكسوف، فمثل هذا يصلى له، قال الفقهاء: وكذلك لو وجد ضياء في الليل أكثر من العادة بدون قمر فإن هذا مرعب؛ لأنه على خلاف العادة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ قال: لأن العلة: "آيتان يخوف الله بهما عباده"، تدل على أن كل ما كان كذلك فإنه يصلى له، ولكن المشهور من المذهب أنه لا يصلى إلا للزلازل فقط لورودها عن الصحابة- رضي الله عنهم-.

* * *

[١٦ - باب الاستسقاء]

"الاستسقاء": طلب السقيا، وهي من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي: باب الصلاة التي سببها طلب السقيا، وطلب السقيا لا يكون إلا من الله عز وجل، لأن الله تعالى هو وحده الذي ينزل الغيث، واعلم أنه كما ثبت في صحيح مسلم: "ليس السنة ألا يمطر الناس ولكن السنة أن يمطروا فلا تنبت الأرض". نسأل الله العافية؛ لأنه قد يأتي المطر وتنبت الأرض ببركة من الله عز وجل، وقد يأتي المطر ولكن لا تنبت الأرض، وهذا مشاهد أحيانًا، وعليه فإننا إذا طلبنا السقيا من الله عز وجل نطلب السقيا مع كونها غيثًا، والغيث هو: ما تزول به الشدة.

والاستسقاء له عدة أوجه؛ منها: دعاء الناس أفرادًا كلٍّ يدعو مثلًا في الصلاة، يدعو في أي مناسبة، ومنها: الاستسقاء في خطبة الجمعة كما في حديث أنس، ومنها: الاستسقاء في أي مكان، أن يطلب من أحد أن يدعو الله تعالى بالسقيا، وقد طلب الصحابة من الرسول- عليه الصلاة والسلام- أن يستسقي لهم مرة من المرات فقال: "اللهم أغثنا، حتى يقوم أبو لبابة فيسد ثعلب مربده بردائه". فأمطرت السماء وكثر المطر وخاف الناس، فماذا قالوا؟ لا يمكن أن

<<  <  ج: ص:  >  >>