للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاختلاف في ثمنها، كل هذا الخلاف يقول فيه أهل العلم: إنه لا يوجب ضعف الحديث ولا الحكم عليه بالاضطراب، كذلك هنا الاختلاف في تعيين الذي يقم المسجد هذا لا يضر، الكلام على أن هذا قصة واقعة حصلت على هذا الوجه، أما على من حصلت فالأمر يسير لا يضر.

قوله: "تقم" أي: تنقيه من القمامة، والقمامة هي: الأذى كالعيدان والخرق وما أشبه ذلك.

وقوله: "المسجد" "أل" هنا: للعهد الذهني، لأنه هو المفهوم عند الإطلاق، إذن ما هو المسجد؟ هو مسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) فسأل عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) وكأنه أتفقد هذه المرأة التي كانت تقم المسجد، فسأل عنها أين هي؟ فقالوا: ماتت، فقال: "أفلا كنتم آذنتموني؟ " "أفلا" الاستفهام هنا: يحتمل أن يكون للتوبيخ والإنكار، لأنهم لا يخبروا النبي (صلى الله عليه وسلم) بها، ويحتمل أنه للتعظيم، أي: تعظيم هذه المرأة وتكريمها، وقوله: "أفلا" الفاء هنا: عاطفة، والمعطوف عليه محذوف يقدر بما يناسب المقام، وقيل: إن المعطوف عليه هو ما سبق، ولكن ها قد يمتنع هذا الوجه؛ لماذا؟ لأن النبي (صلى الله علي وسلم) لم يسبق له كلام على هذه الجملة، بخلاف ما يوجد في القرآن من نحو: {أفلم يسيروا} [يوسف ١٠٩] {أو لم يسيروا} [غافر: ٢١] {أثم إذا وقع أمنتم به} [يوسف: ٥١] ,

إذن قوله: "أفلا" نقول: إن الهمزة للاستفهام، والفاء للعطف، والمعطوف عليه محذوف، ويقدر بما يناسب المقام، فكيف نقدر؟ نقول: احتقرتم هذه فلا كنتم آذنتموني.

وقوله "آذنتموني" أي: أعلمتموني، لأن الأذان بمعني: الإعلام، ومنه قوله تعالى: {وأذن من الله ورسوله ... } [التوبة: ٣].

قال: "فكأنهم صغروا أمرها" يعني: رأوا أمرها صغيرًا بحيث لا تحتاج إلى أن يخبر عنها النبي (صلى الله عليه ولسم) وفي سياق آخر: أنه كانت في ليلة ظلماء، فخافوا أن يشقوا على النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا اخبروه، وعلى هذا تكون العلة مركبة من شيئين، أحدهما: أنهم رأوا أنها امرأة صغيرة ليست ذات أهمية بحيث يخبر بها النبي (صلى الله عليه وسلم)، والثاني: أنها كانت ظلمة فخافوا أن يكون ذلك مشقة على النبي (صلى الله عليه وسلم)، فتكون العلة إذن مركبة من شيئين: تصغير أمر المرأة وخوف المشقة على النبي (صلى الله عليه وسلم).

يقول: فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "دلوني على قبرها" وهذا أمر وهو واجب التنفيذ على الذين خوطبوا به، لأنهم لو عصوا الرول، وقالوا: لا صار الأمر عظيمًا، وهناك فرق بين من يواجه بالخطاب ومن لا يواجه، فدلوه أو فدلوه؟ الأول، متى تكون الثاني؟ إذا كانت معتلة بالألف صارت فدلوه، أما إذا كان آخرها اللام فإنه يقال: دلوه، فهي إذن فعلها ماض على وزن فعل، أما دلى فهي على وزن فعل فهي رباعية، قال تعالى: {فدلها بغرور} [الأعراف: ٢٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>